حسين سنا.. عن التوظيف الغربي لمصطلح الإرهاب

03 ديسمبر 2023
حسين سنا أثناء المحاضرة
+ الخط -

ضمن سلسلة ندوات تنظّمها "مكتبة تكوين" في الكويت العاصمة، بالتعاون مع "حركة مقاطعة إسرائيل" (BDS)، قدّم، مؤخّراً، الباحث الكويتي حسين سنا مُحاضرة بعنوان "جدلية المقاومة والإرهاب في الصراع مع الكيان الصهيوني"، أضاء فيها على الطريقة التي صنعت فيها أروقة الإعلام والأكاديميا الغربية مصطلح الإرهاب، ومن ثم أسقطته على سياقات النضال والمقاومة، سواء في المنطقة العربية أو مع أي مشروع وطني معارض للهيمنة الغربية حول العالم.

انطلق سنا من ضبابيّة المفهوم حتى ضمن الدوائر الغربية، إذ "إن أغلبها مؤسّسات أمنيّة وعسكرية لم تأتِ على توصيف الإرهاب من حيث هو فكرة، بل فعل أولاً، وذو هدف سياسي، من شأنه إثارة الشعب ضدّ الحكومة". وهنا تساءل: "أين يبدأ الإرهاب، وأين ينتهي حقاً؟ وما حدود توظيفه من الجهة التي تستثمر أو تنطق به؟ فلو تناولناه من زاوية مفاهيمية، لوجدناه شديد النسبيّة، وغير مُتَّفَق عليه، عكس مفهوم الدولة مثلاً. مع هذا كلّه تبقى البُنية الغربية المعرفية هي التي تصوغ "التعريفات"، حسب الباحث، الأمر الذي يُحتّم علينا تجاوزها بأي شكل من الأشكال.

لا يزول الكيان اللاشرعي بتوصيفه قانونياً، بل بالكفاح المُسلّح 

ولمّا كان التجاوُز المعرفي شرطاً ضرورياً، كما وضّح سنا، فإن الوقوف عند البدائل النظرية أشدّ ضرورةً، ومنها التحليلات اليسارية، ونظريات ما بعد الاستعمار، وكذلك النظريات النقدية، فضلاً عن البُعد الحضاري العربي - الإسلامي، القادر على إنتاج صِيغ معرفية جديدة وأكثر جذريّة، في حال أُخضع للممارسة النقدية. إلّا أنّ المشكلة في مفهوم الإرهاب، اليوم، هي، على حد وصفه، التغطية على "إرهاب الدولة" و"الدولة الراعية للإرهاب"، وهو الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأميركية في عدد من دول أميركا اللاتينية، خصوصاً عندما حرّضت الجماعات المسلّحة ضدّ بعض الأنظمة الوطنية.

أمّا فلسطينياً، فقد أشار سنا إلى أن الشكل الذي تعتمد عليه المقاومة الفلسطينية اليوم يُمكن أن نطلق عليه "الحرب اللامتناظرة"، ومن خلاله، تدفع الفصائل صوب تحديد مواجهة من نوع مختلف مع الكيان الاستعماري المعتمد بشكل رئيسي على منهج إرهاب الدولة.

ولفت الباحث إلى أن الأساس الديني لـ"إسرائيل"، الذي عزّزته الصهيونية عبر تاريخها الإجرامي، هو خرقٌ فاضح لمفهوم تقرير المصير، إذ لا يُمكن أن تجمع أشتاتاً مختلفة من الشعوب وتحرّضها على الهجرة الاستيطانية إلى بلد بعينه، ثم تمنحها حقّاً أنت سلبته من أهل البلد الأصليّين. 

وأشار الباحث الكويتي إلى النطاق الجغرافي الذي تجيب من خلاله المقاومة على كلّ الممارسات الاحتلالية، وهو نطاقٌ محدودٌ ضمن الجغرافيا الفلسطينية، أي الأرض الوطنية التي من حقّ المستعمَر أن يواجه مستعمِره فوقها. وبالتالي، الحالة اللاشرعية لا يُمكن إزالتها بالتوصيف القانوني فقط، لأن الواقع هو من يفرض نفسه على القانون في نهاية المطاف، ومع عدوٍّ مثل هذا النوع، لا يُمكن التعويل إلّا على لغة الفرض والسلاح، وهو ما وعته المقاومة الفلسطينية.

وفي الختام، أكد أهمية الواقع مُستشهداً برؤية المفكّر ورجل القانون الألماني هانز مورغنثاو (1904 - 1980) وصاحب كتاب "السياسة بين الأُمم"، التي عبّر من خلالها عن أنّ السياسة الدولية كغيرها من السياسات ليست إلّا صراعاً على السلطة، مهما كانت أهدافُها نهائية وبعيدة، فقد ينشد الساسة والشعوب الحرية والأمن والازدهار، لكنهم في محاولتهم تحقيق أهدافهم عن طريق السياسات الدولية، إنما يفعلون ذلك عن طريق الكفاح.

لا شك في أننا اليوم لو طبّقنا هذه المقولة في السياق الفلسطيني، حسب الباحث، لأدركنا أنَّ المقاومة نتاجٌ طبيعي يفرضه واقع احتلالي، وهي شرعية من حيث القانون والأخلاق، ووجودها منوط بزوال الاحتلال، كما أنّ تطوّر الجيوش الاستعمارية ليس مقياساً على الإطلاق لنصرها. ألم تتحرّر الجزائر وانتصرت على فرنسا النووية بدعم من حركات التحرُّر العربية والأفريقية.

المساهمون