في عام 2017، قدّم المخرج المسرحي المغربي حسن هموش عمله "الساكن" الذي يمزج بين الغناء والاستعراض وبين الحوار في كوميديا، وتُوظَّف الطرائف والمأثورات الشعبية والأمثال المغربية لإسقاطها على الواقع في مستوياته المتعددة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
تستند المسرحية إلى قصيدة "الدار" للشاعر المغربي الزجلي سيدي قدور العلمي (1742 – 1850) الذي يعدّ من أبرز شعراء الملحون والزجل، متميزاً بنزعته الفلسفية وحكمته التي بثّها في قصائده، وانتقاداته اللاذعة لسلوكيات الناس التي تبتعد عن الفضيلة والمنطق.
يعاد عرض "الساكن" عند العاشرة من مساء الثلاثاء المقبل على خشبة "مسرح محمد الخامس" في الرباط، بالتعاون بين وزارة الثقافة و"مسرح تانسيفت" ضمن فعاليات "الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي" عام 2022.
يشارك في المسرحية كلّ من الممثلين: عبد الله ديدان ونورا السقالي ونورا قريشي وسامية أقريو ومحمد الواردي، وألّف كلمات أغانيه ولحنها الموسيقي محمد الدرهم، وأعدّ سينوغرافيا العمل طارق الربح، ودراماتورجيا لمسعود بوحسن، وأزياء سناء شدال، وكوريغرافيا توفيق أردو.
يضيء العرض واقع الحياة الاجتماعية في مغرب القرنين الثامن والتاسع عشر، من خلال مشاهد تتناول تدهور الأخلاق في زمن العلمي، وكيف يتمكّن المحتالون من خداع الناس وسرقة أملاكهم، وهي مقتبسة من حادثة حقيقية وقعت للشاعر نفسه الذي سُرقَت داره من قبل مجموعة من المحتالين.
بعد أن ينهب رجلان دار الشاعر، بعد أن أخرجاه منها، واضطر إلى الانتقال من مكناس إلى مراكش، وهناك قرر أن يفضح المحتالين بقصيدة زجلية، قال في أحد مقاطعها، الذي يتكرر طوال القصيدة: "وآش ما عار عليكم يا رجال مكناس ــ مشات داري في حماكم يا أهل الكرايم"، والمقطع يعني "عار عليكم يا رجال مكناس، تُسرق داري، وأنا في حمايتكم، وأنتم أهل الكرامات؟".
تعكس القصيدة مقدار الظلم الذي تعرّض له الشاعر، لكن المسرحية تتعرّض للحادثة بنوع من التهكم والسخرية من أجل إبراز تناقضات متعددة يعيشها المجتمع، كما تتندر على المغفلين الذي يصبحون ضحايا لمن يخدعهم، وتنتهي المسرحية باسترداد ما نُهب من العلمي بواسطة شقيقته وزوجها، اللذين ابتكرا عدداً من الحيل، وتمكّنا في النهاية من استعادة المسروقات.