شارك حسان بورقية (1956) في نقل عدّة مؤلّفات للفيلسوف الألماني فريديريش نيتشه مثل "العلم المرح"، و"ما وراء الخير والشر"، و"أفول الأصنام"، ووضع كتاباً بعنوان "الانطباعية والانطباعيون"، إلى جانب مجموعة قصصية بعنوان "الدنيا هانية"، وترجمات في الأدب والفنون.
انشغالات متعددة في الكتابة سارت بموازاة ممارسته للرسم منذ معرضه الأول عام 1976، حيث استند في عدد من معارضه إلى مرجعيات أدبية، مثلما فعل في معرض سابق بعنوان "حدائق معلّقة" (2013) عندما تتبّع المعنى وراء قصائد بورخيس في اللوحة.
اختار الفنان المغربي "Au nom des miens" عنواناً لمعرضه الجديد الذي افتتح في الثاني عشر من الشهر الماضي في "غاليري محطة المناجم" بمدينة مراكش المغربية، والذي يتواصل حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ويشير العنوان إلى معانٍ مثل "باسمي" أو "باسمِ أهلي".
ويوضح بيان المعرض أن "الرماد والحروق والأنقاض المتفحمة لم تكن أبداً مواد بريئة في خدمة العمل الفني. إنها تسكن عالم حسان لأنها جزء لا يتجزأ من تاريخه"، مشيراً إلى أن بورقية، المدافع عن القيم الكونية والحوار من خلال الفن والثقافة، يسخّر المادة ككلمة ليشيع ما يسميه بـ"الازعاج وحب الاستطلاع وطرح الأسئلة". كما يوضّح الكاتب هشام الداودي في تقديم المعرض بأنه يمثّل مجموع ذكريات بورقية وقراءاته وتفاعلها مع شخصيته، في شكل من أشكال "عدم التخلي عن أي من مراحل حياته، وإلقائها في غياهب النسيان".
يتكوّن المعرض أعمال تشبه خزانة الكتب حيث يحتفظ الفنان على أرفّها بصورة فوتوغرافية شخصية، بكلمات مكتوبة ورسائل خطّها بورقية نفسه وقصاصات من جرائد وملصقات فنية، لتشكّل جميعها هوية العمل الذي يشير إلى الذاكرة بمعناها الأوسع الذي يجمع بين ما نعيش وما نقرأ وما نحتفظ به، لتصبح هذه الأعمال مخزناً للكلمات التي تتجلى في أشكال عديدة.
تجتمع الأعمال المعروضة لتشكّل سيرة بصرية لبورقية، لكنها لا تحمل سرداً مكتملاً أو منجزاً، بل يبرز الصدأ مع الرماد في تعبير عن تآكل ذاكرتنا ومحاولتنا تذكّر ما طُمس منها، ومحاولة لإعادة ترتيب حكاية/ حادثة ما في مقترح يجمع الرسم والصورة ومواد أخرى في كولاج مليء بالتفاصيل والعلامات التي تظهر كأثر لمعنى الحياة.