جيرمن ريشييه: حلقة مفقودة في تاريخ النحت الفرنسي

01 مايو 2023
جيرمن ريشييه في مشغلها بباريس، 1956 (Getty)
+ الخط -

في عام 1996، وبالتزامن مع معرض استعادي للنحّاتة الفرنسية جيرمن ريشييه أقامته "مؤسّسة مايت" في مقرّها قرب مدينة نيس (جنوب)، كتبت الناقدة الفنّية جانفييف بريريت إن ريشييه "ما تزال واحدة من أكثر المواهب التي لم تلقَ نصيبها من الاعتراف" في فرنسا، حيث يبدو اسمُها مجهولاً حتى لدى كثير من المشتغلين في الفن والمتابعين له.

بعد نحو ثلاثة عقود من ملاحظة الناقدة، لا يبدو أن ثمّة ما تغيّر في ما يخصّ سُمعة ريشييه ومكانتها في المشهد الفنّي، على الرغم من طليعية الفنانة وفرادة تجربتها، وهو بلا شكّ ما دفع "مركز جورج بومبيدو" للفنون المعاصرة في باريس إلى تنظيم معرض ضخم لتسليط أكبر قدر ممكن من الأضواء على تجربة النحّاتة الفرنسية التي عاشت حياةً قصيرةً (1902 ــ 1959).

يشمل المعرض، الذي افتُتح مطلع آذار/ مارس الماضي ويستمرّ حتى الثاني عشر من حزيران/ يونيو المقبل، نحو مئتي عمل بين منحوتات وأعمال حفر ونقش، إلى جانب الرسومات والاسكيتشات.

وتضمّ المعروضات مجموعةً من أبرز ما وقّعته الفنّانة، منذ سلسلتها "لوريتو" التي عُرضت عام 1937 (ويتوسّطها تمثالٌ بروزنيّ ملمَّع، بتفاصيل دقيقة لشاب يرفع ذراعه كما لو كانت مصابة) حتى اشتغالاتها الأخيرة، التي بدت أقلّ التزاماً في علاقتها بالواقع وتصويره وإعادة إنتاج أبعاده ضمن المنحوتات، كما هو الحال مع عملها "زهرةُ الرِّمال" الذي انتهتْ منه سنةَ رحيلها (1959)، وفيه تقترح تكونات جديدة، ممزّقة، وتجمع فيها بين البشري والحيواني والمتخيَّل.

الصورة
"لو ديابولو"، برونز، 160 × 46 × 60 سم (1950/ من المعرض)
"لو ديابولو"، برونز، 160 × 46 × 60 سم (1950/ من المعرض)

وتشكّل هذه الثيمات الثلاث ــ أي البشري والحيواني والمتخيّل، أو الأسطوري بالأحرى ــ النواة الموضوعية التي دارت حولها أغلب أعمال الفنانة، وهو ما يسعى المعرض إلى الكشف عنه عبر النصوص المرافقة للأعمال، وعبر توزيع ثانوي للمنحوتات (الموزّعة أساساً بحسب التسلسل الزمني لإنجازها) يكشف عن المنطق الداخلي الذي حكم إنتاجها بوصفها إجابات على أسئلة كانت تشغل الفنانة طيلة حياتها.

عبر هذا المعرض، أراد المنظّمون في "مركز بومبيدو" التذكير بجيرمن ريشييه بوصفها "صاحبة مكانة أساسية في التاريخ الحديث الخاص بفن النحت"، وباعتبارها "حلقة أساسية تربط بين تجربة رودان وبين المرحلة الأولى من تجربة سيزار بالداسيني"، أي أننا، بعبارة أُخرى، لا نستطيع فهم النحت الحديث، ضمن تصوّر عام، من دون العودة إلى تجربتها. 

المساهمون