جرحٌ قديمٌ في السّماء

12 يوليو 2021
من عمل لـ نذير إسماعيل / سورية
+ الخط -

1
خرجَتْ أيّامكِ مذعورةً مِن بابِ غرفتكِ المُظلمة
روحكِ ما زالت تصرخُ
تضغطُ بقوّةٍ على معصمِ يدكِ الذي بدأ يزرقُّ
دمعكِ اختلط بالدمِ النّازف من الضّمادة
تدركينَ
أنّ الضّغطَ لن يجديَ نفعاً في مثلِ هذه الحالة
لكنّها طبيعتكِ الحنونة.
...
لطالما ضغطتِ على نفسِكِ
أنتِ كم ضغطتِ على نفسكِ يا صديقتي؟
...
تعاودينَ النظر في المرآةِ
تتذكّرين عينيه الخادعَتين
وببطءٍ تحرّكينَ جسدَكِ الذي بدأ بالتخشُّب
...
وصلتِ إلى النقطة التي لا رجعةَ فيها
لا تندَمي
عليكِ تقبّلَ الأمرِ
بعدَ قليلٍ سيصبحُ جسدُكِ خشبةً مقوّاة
وستفكّرينَ بإزالةِ الضّمادةِ عن شرايينِ معصمكِ المقطوعَة
...
كلاكُما الآن يمرُّ بوقتٍ عَصيبٍ
ويأملُ سماعَ صوتٍ ما يُنقذُهُ
كلاكُما اختارَ
أنتِ انتحرتِ عنْ قَناعة
وسيعيشُ حبيبُكِ من دونها
معَ
امرأةٍ
غريبة.


2
ثمّةَ
جُرحٌ قديمٌ في السَّماء
الشَّمسُ
ضِمادةٌ عليه.


3
حافِظوا على ماءِ الوجهِ
مهما كلَّفَكُم ذلكَ
لأنّكُم
بعدَ الموتِ
حينَ تعطشونَ داخلَ قبورِكُم
سَتشربونَ مِنه.


4
لستُ مثلَ همّتكَ يا عيسى
بعدَ كلِّ هذا الغياب
يقولونَ إنّكَ ستعودُ مِن جَديد!
وأنا
إلى الحبِّ الأوَّل
لا قدرةَ لي على العودَة.


5
في اللَّيلِ
حينَ تهدأ وتغطُّ في نومكَ الحَزين
ستحتاجُ إلى شخصٍ يأتيكَ إلى القَبر
يُغطّي قدميكَ اللتين ستخرُجانِ من الكَفن
مثلَما كانتْ أمّكَ
تفعلُ ذلك.
...
تستيقظُ مرعوباً
تمدُّ يدكَ اليُمنى لجلبِ هاتفكَ
تريدُ البحثَ في الإنترنت
عن معنى الكابوسِ الّذي أزعجكَ طيلةَ اللّيل.
وعندما تفشلُ كعادتك
تتذكَّرُ
أنَّ عليكَ الذّهابَ إلى شخصٍ ما
لتخبرهُ عن الكابوس.
يضعُكَ في حِجره
يَهمِسُ في أذنكَ المُضطربة: "اسم الله عليك ماما"،
تهدأ
ثمَّ تفتحُ قبضتكَ على مَهلٍ
وبدلَ الهاتفِ هذه المرّة
رويداً رويداً تسّاقطُ ذراتُ الرَّملِ مِنها.
تقولُ في نفسكَ
وأنتَ تمنعُ بحافّتي جفنيكَ بعضَ الدُّموع
لا يُمكِنُ لكابوسٍ ما أنْ يقتُلَني
ربَّما شَعرتُ بالبردِ
وربَّما
أمّي
لم تأتِ إلى غُرفتي اللّيلةَ الماضية.


6
لو أنَّ الدُنيا دمعة
لوضعتُها في إحدى عينيَّ
وأغمضتُ إلى الأبد.


7
يُلوِّحُ الغريقُ بيديهِ طالباً النّجدةَ.
إلى منْ يَسعى المشنوقُ حينَ يُحرِّكُ قدميه؟
لا تقولوا النّجدةَ أيضاً
لا شيءَ في الأسفلِ مِنْ هذهِ النّوعية.


8
كما يُسلخ الدُّخانُ مِنْ جِلدِ النّار
أنسلخُ كلَّ صباحٍ من فِراشي
ولا أعرفُ أينَ أذهبُ.


* شاعر من العراق

موقف
التحديثات الحية
المساهمون