"جائزة ديريك والكوت للشعر" إلى أبو توهة.. قصيدة تواجه البربرية

09 نوفمبر 2023
مصعب أبو توهة
+ الخط -

أخبار متقطّعة تصل عن الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة (1992) الذي نزح مع عائلته من مدينة بيت لاهيا داخل قطاع غزّة، بعد أن دُمّر منزلهم، إلى مخيم جباليا، في حرب إبادة يشنّها الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من شهر. في هذه اللحظة، يفوز أبو توهة بـ"جائزة ديريك والكوت للشعر" (The Derek Walcott Prize For Poetry).

الجائزة التي تأسّست عام 2019، وتُشرف عليها "منشورات أرّاو سميث" بالتعاون مع "مهرجان ديريك والكوت" في جزيرة ترينيداد بالمحيط الكاريبي، مُنحت للشاعر الفلسطيني، يوم الجمعة الماضي، عن ديوانه الأول "أشياء قد تجدها مخبَّأة في أُذني" (Things You May Find Hidden Ears)، الصادر العام الماضي باللغة الإنكليزية عن "دار سيتي لايتس" الأميركية، بعد أن تمّ اختياره ضمن قائمة قصيرة ضمّت اثني عشر كاتباً مرشّحاً.

في العشرين من الشهر الماضي، نشر أبو توهة مقالاً في مجلة "ذا نيويوركر" الأميركية بعنوان "المشهد من نافذتي في غزّة"، يصف فيه تفاصيل نزوحه خلال العدوان الإسرائيلي الذي يمنع وصول الكهرباء والغذاء والماء والوقود والدواء إلى الغزيّين، وسط الركام ورائحة المتفجّرات، وربما اللحم البشري المُحترق، تنتشر في المكان.

يحتفي الديوان بإرادة العيش القوية في مواجهة الحصار الوحشي

ويعود في مقاله إلى لحظة ولادته في "مخيم الشاطئ"، وهو أحد المخيمات الثمانية الموجودة في قطاع غزة، قبل أن ينتقل منه عام 2000، مع بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى بيت لاهيا، حيث أكمل والده بناء منزلهم الجديد، وقام بزراعة أنواع عديدة من الأشجار، وتربية الدجاج والحمام والأرانب على سبيل الهواية. تتداخل هذه المشاهد 

في الذاكرة مع متابعة أبو توهة للأخبار على هاتفه المحمول، تطارده فكرة واحدة على وجه الخصوص، ولا يستطيع تنحيتها جانباً، بأنه سيكون ضمن الأرقام التي تتناقلها الأخبار، وأن يموت وهو يسمع اسمه في الراديو.

مشهد الدمار الذي يصفه الشاعر لا يخلو من وجود عائلات تتجوّل في الأنحاء، وأطفال يلعبون الحجلة في الممرّات. المشهد ذاته الذي تُشير إليه الناقدة والكاتبة كانيسيا لوبرين في بيان الجائزة الذي يبيّن أن الديوان يحتفي بالإرادة القوية للعيش في مواجهة الحياة تحت الحصار الوحشي.

غلاف الكتاب

وتبيّن أن "الأشياء التي قد تجدها مخبّأة في أذني" عبارة عن معجم من الأحزان الشديدة لدرجة تطوّع اللغة إلى رثاء مُحكَم غير ساذج أبداً. كتابة أبو توهة الدقيقة والمختصرة في كثير من الأحيان، تمتزج مع شهادته الحيّة في شعر ذي عزيمة قوية، وتصرُّ على أن الشعر بحدِّ ذاته جدير بالرثاء الفلسطيني. 

نال أبو توهة نهاية العام الماضي "جائزةَ الإبداع"، ضمن "جوائز فلسطين للكِتاب"، التي تُمنح في لندن، وكذلك إحدى "جوائز الكتاب الأميركي" في دورتها الرابعة والأربعين، والتي تمنحها "مؤسَّسة ما قبل كولومبوس" في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية.

تستند قصائد الديوان إلى ذاكرة الشاعر التي تؤسّس لوعي قائم على إيجاد طُرق ووسائل مبتكرة للبقاء؛ الحياة تواصل فعلها اليومي في غزّة مع الأطفال في لهوهم قرب البحر، والطلبة في المدارس والجامعات، والعائلات تستمرّ في عاداتها واستمراريتها، وكلّ هذه التفاصيل الحيّة لا تنفصل عن سيرة العائلة التي هُجّرت قسراً من يافا عام 1948، وجرائم إسرائيل المتواصلة ضدّ الغزيّين وجميع الفلسطينيين.

يقول في إحدى القصائد:
"في غزّة
التنفّس مهمّة
الابتسام أداء
في جراحة تجميلية
في وجه المرء،
والنهوض صباحاً،
في محاولة النجاةِ يوماً آخر
هو عودة
من عند الموتى
مرّة أُخرى".

أبو توهة الذي نجا من القصف البربري للاحتلال أكثر من مرّة ولا يزال يواجهه حتى اليوم، يكتب باللّغتين العربية والإنكليزية. وأسّس عام 2017 "مكتبة إدوارد سعيد العامّة" في غزّة. نشر قصائده في مجلّات شعرية متخصّصة، وكان شاعراً زائراً في قسم الأدب المقارن بـ"جامعة هارفارد" الأميركية بين عامَي 2019 و2020.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون