على الرغم من بُعدها المحلّي أول الأمر، بمطالبها التي تدعو إلى توفير حرّيات الرأي والقطع مع التمييز والغطرسة البوليسية، إلا أن الثورة التونسية التي بدأت في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010، سرعان ما تحوّلت إلى حدث ذي بعد دولي، عربياً أوّلاً ثم عالمياً، خصوصاً مع نجاح المظاهرات الشعبية في دفع الرئيس زين العابدين بن علي إلى مغادرة السلطة في 14 كانون الثاني/ يناير 2011، وبات هذا التاريخ رمزاً لاسترجاع الشعب قوّة المبادرة على حساب النظام.
مرّت عشر سنوات على ذلك الحدث، عرفت خلالها تونس والمنطقة العربية تغيّرات كثيرة، كما أن التجربة التونسية باتت محلّ درسٍ باعتبارها النموذج الوحيد - ضمن موجة ما عُرف بالربيع العربي - الذي نجا من العودة إلى المربّعات الأولى. وقد أصبحت مثالاً على الانتقال الديمقراطي للسلطة مع تداول مواقع الحكم بين مختلف العائلات السياسية وعبر الاحتكام إلى صندوق الاقتراع، وإن عرفت التجربة أيضاً الكثير من الاهتزازات مثل انهيار المنظومة الأمنية وصعود الإرهاب وعمليات الاغتيال السياسي.
حول مسار تونس ما بعد الثورة، تنظم "جامعة بيزا" الإيطالية، يومي الأربعاء والخميس المقبلين، ندوة علمية تحت عنوان "ثورة الكرامة: ذاكرة ومسارات وتحليل عشر سنوات من الثورة في تونس" تُقام عبر وسائل التواصل الافتراضي بمشاركة باحثين من عدة مجالات معرفية.
تضمّ الندوة أربع جلسات تعبّر عن وجوه مختلفة للحدث نفسه؛ حيث تتناول الجلسة موضوع "الثورة" من خلال شهادات كل من الباحث في العلوم القانونية عياش بن عاشور، والذي كان له دور مفصليّ في ترتيب مرحلة ما بعد الثورة حيث أشرف على صياغة القانون الانتخابي الجديد. كما يتحدّث صادق بن مهنّي، والد الناشطة المدنية لينا بن مهنّي، التي رحلت العام الماضي، ومثّلت أحد رموز الثورة التونسية.
أما الجلسة الثانية فهي بعنوان "الانتقال"، وضمنها تقدّم كل من جوليا تشيمي، من جامعة بولونيا، وحمادي الرديسي من جامعة تونس، ورقة مشتركة حول تقييم تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس؛ تليهما ورقتان، الأولى للباحثة الإيطالية إيستر سيجيلو، والثانية لمواطنتها جندالينا سيمونتشيني.
أما جلستا اليوم الثاني، فتتناول الأولى منهما الثورة من زاوية الاقتصاد، فيما تقارب الجلسة الثانية الحدث نفسه من خلال الفن. وتُختتم الندوة بعرض موسيقي يقدّمه كل من ثامر جباري وقيس زريبة، كما يعرض فيلم "على كف عفريت" لـ كوثر بن هنية.