ثلاثة أعمال تركيبية في الزُّبارة: تأمُّل روح الصحراء

27 أكتوبر 2022
من أعمال أولافور إلياسون التي كُشف عنها أخيراً
+ الخط -

انضمّت أعمال الفنانين الدنماركي - الآيسلندي أولافور إلياسون، والسورية سيمون فتّال، والبرازيلي إرنستو نيتو إلى ما يزيد على مئة من أعمال الفن العام التابعة لـ"متاحف قطر"، والمنتشرة في الأماكن العامة بالدولة. وتوزّعت إنجازات الفنانين في الصحراء المتاخمة لموقع الزُّبارة المُدرَج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2013، وقرية عين محمد في أقصى شمالي قطر. وحضر الفنانون الثلاثة حفل إزاحة الستار عن الأعمال التركيبية، التي أُقيمت في إطار مبادرة "قطر تُبدِع"، المبادرة الثقافية الوطنية التي تمتدّ على مدار العام، والتي تَرعى وتروّج للأنشطة الثقافية في قطر وتحتفي بتنوّعها.


سفر الظلال
في العمل الفني "سفر الظلال في بحر النهار" (2022)، يستمرّ الفنان أولافور إلياسون باستكشافه الدور الذي يلعبه تصوّر المرء للعالم في كيفية ظهور الواقع المشترَك. يتكوّن العمل التركيبي من عشرين ملاذاً دائرياً بأسقُف عاكسة، وثلاث حلقات مُفردة، وحلقتين مزدوجتين موضوعة وفقاً لمحاور محدّدة ضمن نمط تناظري خماسي، مع ترتيب عشرة من تلك الملاذات في المركز بشكل خماسي الأضلاع، أو نجمة خماسية.

وقد اكتشف علماء الرياضيات في الغرب حديثاً الأُسس الهندسية وراء هذه الأنماط، رغم أنهم قد ألمُّوا ربّما ببعض التصاميم المعقّدة الموجودة في الثقافة الإسلامية منذ العصور الوسطى.


مقام
وفي عملها الفني "مقام I، مقام II، مقام III"، ابتكرت الفنانة سيمون فتّال ثلاث منحوتات من الغرانيت أزرق اللون ذات أشكال متعدّدة يمكن رؤيتها على أنها كثيب أو هيكل معماري أو خيمة تبدو وكأنها معالم جغرافية. 

تتآلف هذه الأشكال الثلاثة، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، في أعمالها المعاصرة وترتبط بعمق مع النماذج الأصلية الموجودة في مناظر قطر الطبيعية وتاريخها. وبهذه المجموعة من المنحوتات الغرانيتية الضخمة، ابتكرت سيمون فتّال أعمالاً يمكن أن تتعلّق بتاريخ المكان بالإضافة إلى رمزية وضع المنحوتات في مثل هذه البيئة.

قالت فتّال عن عملها "جرى تصنيع المنحوتات في بريتاني بفرنسا، بالغرانيت الأزرق المحلّي، لتبدو وكأنها حقيقية، فينظر الناس إليها متسائلين: هل هي أهرامات قديمة؟ هل هي خيام منصوبة لفترة طويلة؟ وحقيقة الأمر أن المنحوتات تمثّل الأمرين معاً. ستوفّر المنحوتات المأوى للمارة، وتقيهم من الشمس، وستُخاطب الخيال، لأنّ المنحوتات تجسّد صورة مركّبة لما نتوقّع أن نجده في الصحراء".

أُدرج موقع الزُّبارة على قائمة التراث العالمي عام 2013


السلحفاة الكسولة
وأخيراً، العمل التركيبي للفنان إرنستو نيتو "السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض"، يمجّد كوكب الأرض، ويشيد بالبيئة الطبيعية ويخلق مساحة للتأمّل والتفكير والتواصل بين الزوّار من جميع أنحاء العالم وروح الصحراء.

يتكون "السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض" من ثماني قواعد على شكل مرمى كرة القدم متقابلة ضمن حلقة ثمانية الأضلاع، تتمحور حول منحوتة خزفية على شكل كرة أرضية ومحاطة بسطح واسع مصنوع من شبكة بيضاء من النسيج المحاك (كروشيه).

أولافور إلياسون 3 ـ القسم الثقافي
من أعمال أولافور إلياسون

ويؤكّد العمل على أبحاث الفنان المستمرة حول مساحة الجسم والتوازن والجاذبية، تغذّيها الطاقة والروحانية بشكلٍ متساوٍ. وقال نيتو عن عمله: "يدعو العمل الفني 'السلحفاة الكسولة وهيكل الأرض' الناس إلى العيش على طبيعتهم، والغناء والرقص والجلوس على الوسائد والشعور بالطاقة والقوة والهواء واستشعار جمال كوكبنا المذهل، وحبّه باعتباره جنتنا".


الزُّبارة
يذكر أن موقع الزُّبارة يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال غرب الدوحة، هو واحد من أفضل الأمثلة الباقية لمدن تجارة اللؤلؤ في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في منطقة الخليج. فعلى عكس نظيراتها، بقيت آثار مدينة الزُّبارة سليمة إلى حدٍّ كبير، ولم تندثر تحت المدن الحديثة الشاسعة في المنطقة.

أما عين محمد فهي قرية مهجورة على بعد 3,5 كيلومترات شمال الزُّبارة، وتقع مقابل مركز زوار الزُّبارة الجديد، وفيها 24 مبنى، بما في ذلك مسجدان وحصن. وقد رُمِمت القرية مؤخّراً بغرض إعادة توظيفها موقعاً للأنشطة التراثية والرياضات التقليدية، من بين أغراض أُخرى.

وبالإضافة إلى الأعمال الفنية التركيبية التي أبدعها كلّ من أولافور إلياسون وسيمون فتّال وإرنستو نيتو، يتم تحويل الأماكن العامة في البلاد إلى تجربة متحف فني مفتوح في الهواء الطلق مع أعمال فنية لكل من جيف كونز، وأوغو روندينون، وكاوز، ورشيد جونسون، ويايوي كوساما، وكاتارينا فريتش، وبيتر فيشلي وديفيد فايس، وسوكي سيوكيونغ كانغ، وشيلبا غوبتا، وشيزاد داود، وشعاع علي، وفرج دهام، وشوق المانع، ومنيرة القادري، وسلمان الملك، وغيرهم من الفنانين. 

وسيتم الانتهاء من تثبيت تلك الأعمال قبيل بدء "كأس العالم - 2022" في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر المُقبل؛ بهدف جعل الفن جزءاً من الحياة اليومية.

المساهمون