قبل مئة عام، وتحديداً في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1922، انتهت عملياتُ التنقيب التي قام بها عالِم المصريات البريطاني هوارد كارتر (1874 - 1939) في وادي الملوك بالأقصر، على مدار خمسة عشر عاماً، إلى اكتشاف مقبرةٍ صغيرةٍ وبسيطةٍ من الناحية المعمارية، مقارنةً بغيرها مِن المقابر الفرعونية، لدرجةِ أنّه اعتقد أنّها مجرَّدُ مخبأ، قبل أن يُدرك أنّه أماط اللثام عن واحدٍ من أبرز الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.
لم تكُن المقبرة، التي تحمل الرقم 62، سوى ضريحِ الفرعون المصري توت عنخ آمون الذي كان لا يزالُ مجهولاً إلى تلك اللحظة. لكنّه سيُصبِحُ أكثر الفراعنة شهرةً وإثارةً للشغف والافتتان؛ ليس بسبب إنجازاتٍ حقّقها خلال فترة حُكمه، بل بسبب الغموض الذي اكتنف رحيله بعد تسع سنواتٍ فقط مِن تولّيه الحُكم طفلاً، وأيضاً بفضل المقبرة التي عُثر عليها بكامل كنوزها التي تشمل 358 قطعة؛ لتكون الكنز الملكي الوحيد الذي عُثر عليه كاملاً؛ إذ تعرّضت غيرُها من المقابر الفرعونية للنهب على مدى العصور.
لمناسبة مرور مئة عام على اكتشافِ مقبرة "الملك الذهبي"، يستعيدُ معهد "غريفيث" في "جامعة أوكسفورد" البريطانية قصّة الاكتشاف، من خلال معرضٍ انطلق الأربعاء الماضي ويتواصل حتى الخامس من شباط/ فبراير المقبل، تحت عنوان "توت عنخ آمون: التنقيب في الأرشيف".
يضمُّ المعرض قرابة 200 قطعةٍ تتوزّع بين الصُّوَر الفوتوغرافية التي تُوثّق لاكتشاف المقبرة، والوثائق والرسومات والرسائل والخرائط التي اعتمد عليها كارتر في عمليات التنقيب، إلى جانب متعلّقاتٍ شخصية له. وهذه المقتنيات جزءٌ من المكتبة الشخصية لعالِم الآثار المصري، التي حصل عليها "معهد غريفيث" المتخصّص في علم المصريات بعد رحيله.
ويُلقي المعرض، بحسب القائمين عليه، "نظرةً على تعقيدات المدافن الفرعونية القديمة المحفوظة جيّداً وأيضاً على الحفريات الحديثة، بمن في ذلك الأعضاء المصريون الذين غالباً ما يجري تجاهُلُهم في الفريق الأثري ودورهم الحاسم في الاكتشاف".