يرى توبي ويلكينسون في كتابه "عالم تحت الرمال: العصر الذهبي لعلم المصريات" الذي صدر حديثاً عن منشورات "دبليو دبليو نورتون آند كومباني" أن افتتان الغرب بـ مصر القديمة بعود إلى الإغريق القدماء، وظلّ يتزايد حتى وصل ذروته في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
ويشير عالم المصريات والباحث البريطاني أن فك رموز الهيروغليفية عام 1822، وصولاً إلى العثور على مقبرة توت عنخ آمون على يد هوارد كارتر واللورد كارنافون بعد مئة عام، كان محفوفاً بأجواء من المغامرة والتنافس الدولي المحموم على اكتشاف ماضي مصر.
في كتابه، يوثّق توبي ويلكنسون السباق الوحشي، على حد تسميته، بين البريطانيين والفرنسيين والألمان والأميركيين لمعرفة أسرار مصر وكنوزها، حيث يروي قصصاً عن رجال ونساء ساهم هوسهم بالحضارة المصرية القديمة في إثراء وتحويل فهمنا لوادي النيل وشعبه، من رحّالة وصائدي الكنوز وعلماء الإثنوغرافيا وعلماء الآثار، ومنهم رجل السيرك جيوفاني بيلزوني، والباحث البروسي كارل ريتشارد ليبسيوس، موضحاً أنه ومهما كانت دوافعهم، ومهما كانت أساليبهم، فقد كشف قرن من المغامرة والبحث العلمي عن عالم ضائع مدفون لقرون تحت الرمال.
كما يستعرض كيف بدأ نهب الأوابد المصرية وإرسالها إلى المتاحف الغربية، بدءاً من عام 1835، حيث تمّ تسجيل أول قطعتين أثريتيين تنتميان إلى الحضارة الفرعونية في "المتحف البريطاني"، وهما زوجان من الأسود المنحوتين من الجرانيت الأحمر، وعُثر عليها في النوبة، وقد حمل كل منها اسم توت عنخ آمون، ولم يكن أحد قد سمع به من قبل.
وخلال هذا العصر الذهبي الذي امتدّ قرناً من الزمان، يلفت ويلكينسون بأن "أرض الأساطير التوراتية" أصبحت في نظر الأوروبيين المكان الذي يحتضن الإنجازات الفنية والمعمارية العظيمة، وأن ذلك حصل على يد أناس قدموا من جهات غير متوقعة، في إشارة إلى عالم المصريات البريطاني فلندرز بيتري، مثلاً، والذي لم يتلق تعليماً مدرسياً بالمطلق، أو الفرنسي أوغست مارييت، الذي تدرب ليعمل في مصنع أشرطة، ورحل كمدير لمصلحة الآثار المصرية، حيث لعبت مصادفات عدّة في تغيير مجرى حياة هؤلاء الآثاريين.
وبحسب الكتاب، كان هناك دعم مالي كبير تلقّاه هؤلاء الباحثين في رحلاتهم المتكرّرة إلى مصر، من قبل عدد من الأثرياء الأوروبيين من أمثال كارنارفون وإميليا إدواردز وثيودور ديفيس وروكفلر، إلى جانب رجال الدين والذين أنهوا جميعهم تصوّرات مغلوطة عن مصر كان قد استمدوها من العهد القديم.