طالما شكّلت كلمة "معبر" جزءاً من المعاناة اليومية في حياة أهل غزّة، حيث تحوّلت من منفَذ للناس يكسرون عبره قيد الحصار المفروض عليهم منذ أكثر من سبعة عشر عاماً، إلى مكان تضيع عنده الأحلام والطموحات.
هذه المأساة هي ما يتناولها فيلم "بين مَعْبَرين" (2018)، لمُخرجه ياسر مرتجى، الذي استُشهد في الثلاثين من آذار/ مارس من العام نفسه، حيث أقدم جنود الاحتلال على قنصه يوم "جمعة الغضب"، بالقرب من الحدود الشرقية للقطاع.
يجسّد العمل، الذي يُعرض مساءَ الثلاثاء المُقبل، في "مركز خليل السكاكيني" برام الله، معاناة أكثر من مليونَي مواطن مُحاصَر في قطاع غزّة بين "معبر بيت حانون" الاحتلالي شمالاً، و"معبر رفح" البرّي جنوباً. وذلك من خلال تناوله تفاصيل حياة طالبة فلسطينية، اسمها: نور الغصين، حصلت على منحة في أميركا، واعتقدت أول الأمر أنّها بدايةٌ مُفرِحَة، حتى أنهكها وضع المعبَرين اللذين يُحكمان إغلاق الحياة الغزّاوية.
كما يتطرّق إلى قصّة منحتَين حصلت عليهما نور، فقدت الأولى بسبب الحصار، وفي الثانية لم تستطع اللحاق بها إلا بعد فصل ونصف من بدء الدراسة بصعوبة قاتلة، وهو ما حدث، بالفعل، مع المخرج مرتجى، إذ فقد عشرات الفُرص خارج غزّة بسبب وضع المَعبَرين وعدم استطاعته السفر رغم عشرات المحاولات.
لكنّ المأساة في هذا العمل لا تكمن بقصته، ولا في استشهاد مُخرجه فحسب، بل استُكملت بفصلٍ جديد اليوم، مع العدوان المستمرّ منذ قرابة شهرين. حيث استهدف قصفٌ صهيوني إحدى العمارات في مدينة غزة، في الثاني والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي كان يسكن فيها المصوّر رشدي السرّاج، الذي قام بتصوير العمل وشارك في إخراجه أيضاً، ليستشهد على الفور وتُصاب زوجتُه وابنته بجروح.