بينما البشرية كلّها نائمة

26 يناير 2023
تيسير البطنيجي/ فلسطين
+ الخط -

أكثر قوانين السينما شهرة هو "اعرضها، لا تشرحها". ولكنْ نظرًا لأنّ الوقت قد حان للشرح دائمًا، فإن القاعدة غير المكتوبة توصي بأن تقوم الشخصيات بشيءٍ ما أثناء إلقاء الخُطب، وهو فعل مادّي ومرئيّ سيوفّر بقليل من الحركة خشبَ الساج الفلسفيّ من الوقوع في الخطبة. إنه قانون يتمّ تطبيقه غالبًا أيضًا في الأدب، حيث يمرّ أسياد الفقرة، التي نحبّها، بشكل أفضل عندما تقع مثل شخص لا يريد الشيء، مسبوقًا بخطوط تمشيط القطة.

لسوء الحظ، تقول الاتفاقية إن المقال عبارة عن مزيج من الكلمات، حيث يحدث كلّ شيء في الدماغ، ويكون للمؤلّف الإذن بالشرح دون العرض. لِمَ في العالم النائم، حتى، تحدث أشياء كثيرة بينما يفكّر المؤلف أن البشرية كلّها نائمة؟ بمعنى ما، يحدث شيء واحد فقط: يصطفّ المؤلّف في مكتب البريد، ويجد رجلًا نبيلًا يبدأ في تدريبه بالمكر، ويبدأ بطلنا في التفكير بطبيعة اللغة، وهي نفس الأداة التي "يتحدّاني بها المحاور" إلى الخروج من فتحة الكيس.

إنها ليست المرحلة الأكثر نشاطًا للتأمّل في علاقة الكلمات بالعالم

هه؟ إنها ليست المرحلة الأكثر نشاطًا للتأمّل في علاقة الكلمات بالعالم، أو الإمكانات الثورية للشعر الفلسطيني، أو اختلالات النقد الأدبي العربي، لكن يجب أنْ نتذكّر أن الإبداع كان القوة الدافعة وراء مرصد الحياة اليومية، لا المال الخليجي.

هل نحن ضدَّ أصل أفكار كرسي بذراعين، وهي نظرية تبحث عن قش ذهبي في أنهار اللغة العادية؟ متى يسأل الكتّاب: ما هو الأدب؟ والإجابة شخصية أكثر من كونها أصلية: تخصيص الانعكاس في الأرض التي يخطو عليها المال، وربطها بأوهامه وتاريخ اللغة والأدب العربيين، الذي اهتز منذ عقود ما بعد الاستعمار؟

هل في المقالات والكتب والمحادثات والتغريدات، يمكن تلخيص خلفية وشكل الإجابة في اقتباس موجز: "إنه أمر جينيّ، ولكن حسنًا، على أي حال، أن نقول الأشياء حرفيًا هو سرقتها من السلطة لإعادتها إلى المجتمع"؟ هل ضروري، لتذكيرنا بأن المال هو أحد مترجمي المقالات الأميركية الرائدين في البلاد، وهو ما تجب ملاحظته، كلّ مرة، فإنه يشرح ذلك أيضًا باللغة الدولوزية: من اللسان وتحجّر الاستعارة في كل كلمة؟ ماذا إذا العربانيون سيكونون أدبيين، أو لن يحدث ذلك كذلك في المدى القريب؟

أركاديا بعيدة ووحيدة، والله. الأفق الفلسطيني مغلق بالترباس. أين تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادات؟ أم أنها كلام فاضي أمام جبروت اليانكي وطفله المدلّل؟ هل آن أوان زحزحة أميركا؟ نأمل ذلك بمعونة من أوراسيا العظيمة. هل الواقع ليس فلسفة اللغة التي تتمّ عادة كتاباتها من محيط لخليج محتلَّين؟

لِمَ في المشمش، أو في كتالونيا، غالبًا ما يدافع الكتالونيون عن أنفسهم بسبب الضغوط التي تقلّصها معاناتهم، من خلال رؤية اللغة كمستودع لجوهر مشكوك فيه؟ تلك الكلمات التي تربطنا بالميتافيزيقا لحقيقة قومية متجانسة مهدّدة بالانقراض. نحن هنا، نحمل الصخرة وتقع، بينما في الطرف الآخر، لدينا الكوزموبوليتانيون المعتادون، الذين يفضّلون إدارة رؤوسهم عندما تُستخدم إحدى اللغات كسلاح ضد الأخرى، ويهتمّون فقط باللعب برقصة الدالّات والمعاني.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

المساهمون