بيتر جاكسون.. كيف حكَم المغول المسلمين؟

21 اغسطس 2024
يدرس الكتاب التبادلات الثقافية خلال الحكم المغولي في مجالات الطب وعلم الفلك والجغرافيا
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستكشف بيتر جاكسون في كتابه "المغول والعالم الإسلامي" تأثير الحملات العسكرية المغولية ونظام الحكم المغولي على البلاد الإسلامية في القرن الثالث عشر، مع التركيز على اعتناق حكام المغول الإسلام وتحقيقهم للعدالة.
- يسلط الكتاب الضوء على التبادلات الثقافية والفكرية بين إيران والصين خلال الحكم المغولي، وتأثيرها على مجالات مثل الطب والفنون البصرية، مشيراً إلى مصطلح "تبادل جنكيز".
- يناقش الكتاب تدابير إعادة الإعمار والضرائب والتشريعات والحرية الدينية بعد اعتناق المغول الإسلام، مع استعراض شامل لجوانب حكمهم وآثارهم في السياسة والإدارة والثقافة.

في كتابه "المغول والعالم الإسلامي.. من الغزو إلى اعتناق الإسلام" (منشورات جامعة ييل/ 2017)، يشير المؤرخ البريطاني بيتر جاكسون، في التقديم إلى أنه يسعى إلى استكشاف مسألتين؛ الأولى تتعلّق بتأثير الحملات العسكرية المغولية بقيادة جنكيز خان، وخلفائه الثلاثة الأوائل، على البلاد الإسلامية في بدايات القرن الثالث عشر.

ويبحث أيضاً في نظام الحكم المغولي الذي فُرض على المسلمين، على المدى الطويل، بعدما قسّمت إلى أربعة إيلخانات (إمبراطوريات أو ممالك)، في إيران والعراق وتركيا وأفغانستان وآسيا الوسطى وشرق أوروبا، واعتناق حكّامها جميعاً الإسلام، ومدى تحقيقهم العدالة في إدارة ممالكهم المختلفة.

عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت النسخة العربية من الكتاب بترجمة أستاذة الآثار والحضارات القديمة منى زهير الشايب، التي تضيء مرحلة مهمة في التاريخ الإسلامي من خلال الاعتماد على مصادر باللغتين الفارسية والعربية وضعت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وبدرجة أقل على المراجع المكتوبة باللاتينية والفرنسية القديمة التي ألّفها باحثون ورحالة زاروا االإمبراطورية المغولية آنذاك، لافتاً إلى سوء حظّه في عدم التمكّن من الأرمينية والجورجية والسريانية والصينية التي كان يمكن أن تمدّه بالكثير أيضاً.

يعيد المؤلّف قراءة تلك الحقبة التي لم ينصفها إلا القليل من المؤلّفات التاريخية حتى اليوم

يعيد المؤلّف قراءة تلك الحقبة التي لم ينصفها إلا القليل من المؤلّفات التاريخية حتى اليوم، إذ تتركّز معظم هذه المؤلفات على عنف قبائل المغول من البدو الرحّل، وكذلك الإشارات المختلفة إلى إعاقتها للتطور السياسي والاقتصادي في المناطق التي احتلّتها من القارات الثلاث، بينما لعب المغول في المقابل دوراً فعالاً في تعزيز النشاط الاقتصادي والثقافي وتحفيز الشبكات التجارية التي تغطي كامل قارتي آسيا وأوروبا.

ويدرس أيضاً التبادلات الفكرية والثقافية، ولا سيما بين إيران والصين، خلال الحكم المغولي في مجالات متنوعة مثل الطب وعلم الفلك والجغرافيا والهندسة الزراعية والمطبخ، وصولاً إلى الفنون البصرية التي شهدت تطوراً كبيراً نتيجة التلاقح الثقافي بين الشرق والغرب، ويطلق عليها مصطلح "تبادل جنكيز" على غرار "التبادل الكولومبي" الذي يعني التبادل على نطاق واسع للنباتات والحيوانات والثقافة والأشخاص والتكنولوجيا والأمراض والأفكار بين الأميركتين وبين العالم القديم.

وإزاء الخراب العميم الذي خلّفه الجنود المغول، يفصّل المؤلف تدابير إعادة الإعمار التي وضعتها الأنظمة المغولية المختلفة في فترة لاحقة، وكذلك في ما يخصّ الضرائب والتشريعات والحرية الدينية وتوجهاتهم السياسية خاصة بعد اعتناق حكام المغول الإسلام، وصولاً إلى فترة حكم تيمورلنك الذي يصفه جاكسون بـ"مسلم متشدد واعٍ بذاته ومدافع عن التقاليد المغولية"، حاول إعادة إنشاء إمبراطورية جنكيز خان انطلاقاً من حكمه لآسيا الوسطى.

بين احتياح المغول لمساحة كبيرة جداً تضمّ اليوم عشرات الأنظمة السياسية وبين تراجع دولهم بعد نحو قرنين، يستكشف الكتاب العديد من القضايا التي يحيط بها الغموض والالتباس، سواء في طبيعة العلاقة بين المسلمين المحكومين وبين حكّامهم حين كانوا كفاراً ثم بعدما أسلموا، وكذلك تقديم استعراض شامل لكل جوانب حكمهم، وآثارهم في السياسة والإدارة والثقافة.
 

المساهمون