عندما اعتُقل زكي ناصيف مع عدد من أعضاء "الحزب القومي الاجتماعي السوري"، الذي انتسب إليه ورحل مؤمناً بأفكاره، بسبب اتّهامهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة للرئيس اللبناني فؤاد شهاب عام 1961، ردّ على سؤال المحقّق عن سبب انتمائه إلى حزب "مُجرم"، كونه كان محظوراً آنذاك، بأن انتمى إليه مع مجموعة كبيرة من المثقّفين بهدف تحرير بلاده من الاستعمار الفرنسي.
أفكار الملحّن اللبناني (1916 - 2004) وتوجّهاته السياسية انعكست على تجربته، ومنظوره للوطن الذي ظلّ متجاوزاً لجغرافيا محصورة بلبنان فقط، يفسّره اهتمامُه بالأغنية الريفية بجذورها الممتدّة لآلاف السنين عابرة للحدود والهويات المنغلقة، والتي عبّر عنها بقوله "الانتماء القوميّ ليس انتماءً عابراً، بل يستمرّ العمر كلّه. فالإنسان لا يصير عضواً بنّاءً وفاعلاً في أمّته وبلده ومجتمعه إلّا إذا أحسّ بأهميّة الأرض وقيمتها المادّيّة والروحيّة. وبدون هذا الإحساس يظلّ الإنسان هامشيّاً وضائعاً".
تُعزف مجموعة من أغانيه الوطنية في حفل ينظّمه "برنامج زكي ناصيف للموسيقى" في "الجامعة الأميركية" بيروت في "مسرح المدينة" عند الثامنة من مساء السبت المقبل تحت عنوان "تحيّة موسيقية لفلسطين" بقيادة الموسيقي فادي يعقوب، وغناء الفنّانة منال بو ملهب.
الحفل الذي تؤدّيه "فرقة الموسيقى العربية" في البرنامج الذي تأسّس عام 2004، وُلدت فكرته بشكل عفوي بحسب تصريحات سابقة لمدير البرنامج نبيل ناصيف بهدف تكريم شعب فلسطين، لذلك تمّ اختيار مجموعة من الأغنيات الوطنية، وأُخرى من تراث فلسطين ولبنان، بالإضافة إلى أناشيد خاصة بالأعياد منها "حنانك يا رب الأكوان" لزكي ناصيف.
من الأغنيات التي يتضمّنها الحفل أيضاً: "زهرة المدائن" من تأليف الأخوين الرحباني وغناء فيروز، و"مهما يتجرّح بلدنا" و"ميلي يا جنّات بلادي" من تأليف وتلحين ناصيف، بالإضافة إلى "بيني وبينِك سَجر البن" للشاعر طلال حيدر وغنّاها مارسيل خليفة، و"منتصب القامة أمشي" للشاعر سميح القاسم والتي غنّاها خليفة أيضاً، و"يا بيت صامد بالجنوب" من كلمات أسعد سابا ولحّنها وغنّاها وديع الصافي.
يُذكر أن "برنامج زكيف ناصيف" قام بأرشفة حوالي ألف ومئة مقطوعة موسيقية من تأليف الملحّن الراحل وغناء فيروز ووديع الصافي وصباح ونصري شمس الدين وماجدة الرومي وآخرين.