تعلّم الفنان الإيراني باباك راشواند الخط في السابعة من عمره على يد والده، وكان ذلك متوازياً مع تعلّمه الرسم، حيث برع في الخط الكلاسيكي العربي والإيراني، وركز على القوة البصرية الضمنية الموجودة في التكوين والأشكال والخط كعنصر بصري موحد في اللوحة.
وزاوج بين التجريدية والتعبيرية في أعماله التي عرضها منذ كان في السادسة عشرة من عمره، والتي يظهر فيها تراكم طبقات اللون والتلاعب يالظل والنور من أجل خلق أجواء ديناميكية في العمل تقوم على نحو أساسي على استطالة الحرف وتغيير شكله الأصلي.
حتى الحادي والعشرين من الشهر المقبل، يتواصل في "غاليري دار المشرق" بعمّان معرض راشواند والذي افتتح في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، ويضمّ أعمالاً شكّل اللون فيها العنصر الرئيس المولّد لدلالات جديدة، إضافة إلى التجريب ضمن قواعد الحرف الكلاسيكية التي تعتمد أبعاداً ومعايير هندسية.
كما تُعرض أعمال لا تلتزم بالمعايير وفلسفة الخط في الثقافتين الفارسية أو العربية، حيث تتحوّل الأحرف إلى علامات بصرية متحرّرة في الشكل والنسق ضمن مرجعياتها السابقة، وتخلق مساحات متعدّدة مستفيدة من تقنيات الظلّ والنور لإبرازها في صياغات جديدة.
يستند راشوند إلى خلفية أكاديمية، حيث مكنه تخصّصه في "التواصل المرئي" في دراساته العليا للفنون الجميلة، من استدخال عناصر متنوّعة من الفنون البصرية والأدائية، حيث يتخلّص الحرف من الاستطالة والمدود ضمن مدوّنة الخط التقليدية، لتتحرّك ضمن فضاء يحاكي الرقص المعاصر من خلال اشتباك الخطوط والحضور الطاغي للون.
لا يمكن تناول تجربة الفنان بمعزل عن حركة "سقاخانه" التي دعت مطلع ستينيات القرن الماضي في طهران إلى استحضار عناصر الفن الإسلامي عبر توظيف الرموز والأيقونات والخط والنقوش والزخارف التقليدية في رسوماتهم ومنحوتاتهم.
رغم أن راشوند تأثّر بنتاجات "سقاخانه" في بعض الجوانب إلا أنه يسعى إلى التجريب سواء في محاكاته الطباعة وتصميم البوسترات، والاهتمام بالحركة التي تتخذها التكوينات الأساسية في اللوحة التي تبدو أحياناً كأنها تطير أو تسبح أو ترقص بحرية.
يُذكر أن الفنان الإيراني ولد عام 1980، أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في بريطانيا وألبانيا وفرنسا وماليزيا والولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى نشره العديد من المقالات المتخصّصة في الخط والرسم وعمل مدرساً في عدد من الجامعات والمراكز الفنية.