لم تعدِ المحاولات السينمائية الجادّة تلتفت إلى ما يجري في المراكز المدينية فحسب، وتسلّط الأضواء عليها وتسهب في طرح قضاياها. على العكس من ذلك، بات الاتجاه الممثِّل للواقعية هو ما يتصدّى لأسئلة الهامش.
وفي بلد مثل مصر، تنامي هذا التيار في السنوات الأخيرة، ويُمكن القول عنه بأنه تيار "بديل" لا يعتمد الإنتاجات الكبيرة ذات التكاليف الباهظة، وينحو صوبَ التسجيلية كتقنية بسيطة بعيدة عن السائد.
"انعكاسات من صعيد مصر" عنوان الأمسية التي يحتضنها "مركز خليل السكاكيني الثقافي" في رام الله، عند الخامسة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء، وتتضمّن مشاركة ثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة لمُخرجين مصريين شباب، تتناول بيئة منطقة الصعيد، بطريقة تختلف عن الإطار النمطي الذي يجده المُشاهد عادة في السينما الرسمية.
وتتنوع الأفلام في الزاوية التي تنطلق منها، وعلى أيّة قضية تشتغل، بما يُتيح بسط أكثر من وجهة نظر واحدة، ويكشف عن بيئة الصعيد الثرية، والتي لا يُمكن أن تقرأ كلّها بطريقة أُحادية.
بداية من "سينما الجنوب" (18 دقيقة)، إذ يتناول مينا يُسري مفهوم السينما في صعيد مصر، وغياب دُور العرض السينمائي، وانعدام البنية التحتية للسينما لدى سكان الجنوب، وهي أزمة قديمة وما زالت مستمرّة، في محاولة لتقديم آراء مختلفة حولها.
أما "ع البركة" (26 دقيقة)، فتضيء مارينا ماهر قصة الشابة مارينا وصراعها مع الأهل والمجتمع والمرض في محاولة للفوز بالحياة، حيث تبحث مارينا عن شغفها المتواصل بالسينما بينما تواجه أزمة صحية حادّة، ومعارضة مجتمع يقيد حركة وطموح النساء.
في حين تشتغل كرستين حنا في فيلمها "سابع سما" (35 دقيقة)، على مقاربة اجتماعية أُخرى، إذ تروي قصة أختين من الصعيد تسعيان وراء أحلامهما بحرية لصناعة المستقبل، ليفزع الأهل من هذه الاختيارات ويحتدم بينهم الصراع.
يُشار إلى أن الفعالية تُقام بالتعاون بين "مركز خليل السكاكيني الثقافي" و"مؤسسة مجراية للثقافة والفنون" بملوي في صعيد مصر، وتهدف إلى إتاحة مساحة لعرض الأفلام المستقلّة، وتعريف الجمهور العربي بها.