المعتز بالله سعيد.. عن التراث الكنسي العربي ومدوّناته

16 سبتمبر 2022
جانب من السيمنار
+ الخط -

البحث في مدوّنة تراثية لطالما أُغفلِت، هي مدوّنة التراث الكنسي العربي؛ هذا هو الموضوع الذي اشتغل عليه الباحث المعتزّ بالله السعيد، الخبير اللغوي الحاسوبي في "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، تحت عنوان "عربية التراث الكنسي: ثنائية اللغة والهوية"، وذلك ضمن سيمنار "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالدوحة، الذي عُقد أوّل أمس الأربعاء.

سعى الباحث بدايةً إلى الوقوف على البُنية اللغوية لعربيّة التراث الكنسي لدى عموم الطائفة المسيحية، في محاولة استقراء إن كان ثمّة لغة خاصة ميّزت هذا التراث الممتدّ، مؤكّداً وجوب الاهتمام بهذه المدوّنة بوصفهاً مورداً لغوياً يُساعد الباحثين على تتبُّع سمات اللغة، وما طرأ عليها من تطوّرات، سواء على مستوى المُصطلحات، أو التحليل اللغوي.

وعن الإشكاليات التي تواجه البحث في هذا الحقل، أشار السعيد إلى أنّ قدراً كبيراً من هذا التراث ما زال مخطوطاً، ليس هذا فحسب بل إنّ تلك المخطوطات متناثرة بين المشرق والمغرب وفي أديرة وكنائس ومكتبات. كما أنّ المختصّين بهذا المجال هم قلّة من المستشرقين والآباء.

من الجوانب التي تناولها السيمنار، مسألة التمييز بين "عربية التراث الكنسي"، بما هي لغة خاصة مقتصرة على محيط الكنيسة من أتباع الديانة، و"عربية النصارى العِلمية" الأقرب إلى العربية المُتخصّصة، والتي تشمل ما أنتجه علماء المسيحية في ميادين العلوم: كالطبّ والصيدلة والمنطق والفلسفة والرياضيات.

كذلك يمكن الحديث عن الدور الذي لعبه المسحيون العرب في تدوين التراث العلمي العربي في مراحله الأُولى، وتنوّع المادّة التراثية التي اشتغلوا عليها مثل ترجمات لأجزاء من الكتاب المُقدّس، ومؤلّفات في شروح الإنجيل، ومقالات في العقيدة واللّاهوت، ومؤلّفات في الشرائع والقوانين الكَنَسية، وكُتب أُخرى في التاريخ الكنسيّ. وقد تباينت مُخرجات التراث الكنسي بفعل تنوّع مذاهب المؤلّفين، واختلاف بيئاتهم الثقافية والحضارية، إلى جانب اختلاف اللغات التي اكتسب المؤلفون علومهم عن طريقها. وعليه، صنّف الباحث مؤلّفي التراث الكنسي إلى مدرستين رئيستَين: "المدرسة المشرقية"، و"المدرسة القبطية".

تلتِ المحاضرةَ مداخلاتٌ تعقيبية، منها ما جاء به الباحث في علوم اللغة العربية وأستاذ اللسانيات والمعجمية العربية إلياس عطا الله حول ضرورة إدراج كلمات التراث اللغوي الكنسي في معجم، كما شارك في النقاش أساتذة من "المركز العربي"، وطلاب من "معهد الدوحة للدراسات العليا"، وجمهور من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون