المسرحية التركية نوردان أَلْبَاميا إنجى: استمروا في الحديث عن فلسطين

21 نوفمبر 2022
من العرض
+ الخط -

رغم تباين مستويات العلاقة بين العرب والأتراك في العقود الأخيرة، إلّا أن قضية فلسطين بقيت بعيدة دائمة عن المسائل الخلافية التي شهدها المجتمع التركي ونُخَبه. وقد عبَّر كثير من الكُتَّاب والفنانين الأتراك عن ذلك، ومن بينهم المسرحية نوردان ألباميا إنجى، مؤسِّسة فرقة "العنكبوت"، وهي من أبرز الفنانين الداعمين لفلسطين في تركيا اليوم. كتبت ألباميا إنجى أوّلاً العديد من النصوص حول مقاومة الشعب الفلسطيني لاضطهاد الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، ثم أنجزت مؤخّراً مسرحية حول فلسطين، من خلال قصّة الناشطة المقدسية مريم أبو نجمة.

أرادت ألباميا إنجى في مسرحيتها، التي تنتمي إلى مسرح الممثّل الواحد، أن تشرح القضية الفلسطينية، والصعوبات المادّية والمعنوية التي يواجهها الفلسطينيون، من خلال قصّة أبو نجمة، بعدما شاهدت الضغوط التي تعرّضت لها من قبل قوّات الاحتلال لترْك منزلها المُطلّ على المسجد الأقصى، وفكّرت في كتابة مسرحية حولها.

تقول عن ذلك، في حديث إلى "العربي الجديد": "عندما أسّست مسرح 'العنكبوت' قبل عامين كانت في رأسي، دائماً، فكرة مسرحية حول فلسطين. وعندما بدأوا يتحدّثون عن فلسطين في شهر رمضان بالتلفزيون سألتُ نفسي عن سبب الحديث عن فلسطين في رمضان فقط. قرّرتُ وقتها أن أكتب هذه المسرحية، وقرأتُ وبحثتُ كثيراً حول فلسطين، والتقيت مع أصدقاء فلسطينيين عبر الإنترنت، لأنني لم أكن أعرف الكثير عن ثقافتهم".

ولذلك اختارت المخرجة "يجب أن نتحدّث عن فلسطين" عنواناً لمسرحيتها، حتى تكون قضية فلسطين حاضرة في تركيا دائماً، وكي لا ترتبط بشهر من الشهور. وقد عُرضت المسرحية للمرّة الأولى على خشبة "مركز قادر طوباش الثقافي" بإسطنبول، في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، بأداء نوردان ألباميا إنجى، وإخراج يونس أمرة أوبوت، وديكور وداد أويوريز، وتصميم إسماعيل فولكان جيلان، وموسيقى عمر كيليتش.

تسعى الفنانة التركية إلى عرض مسرحيتها في بلدان مختلفة

تتكوّن المسرحية من مشهد واحد، مُدَّتُه 75 دقيقة، وتبدأ بعرض دُمى، حيث تركّز على حياة الناشطة مريم أبو نجمة، مع تناول معاناة الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي. وتتناول المسرحية أيضاً قصّة الناشطة الأميركية راشيل كوري، التي دهستها جرَّافة إسرائيلية في غزّة عام 2003، كما تتوقّف المسرحية عند قضية العائلات الفلسطينية التي تُجبر على إخلاء منازلها من قِبَل الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.

"أردتُ أن تعتمد المسرحية على الحوار المستمرّ"، تقول المخرجة والممثّلة، وتُضيف: "لقد أغلقتْ مريم البيت على نفسها، وبدأت تواجه خوفها في حوار مستمرّ. فكّرتُ في عرض هذا الحوار بينها وبين مخاوفها، وقرّرتُ أن يكون عن طريق الدُّمى. في الواقع، حاولتُ إضافة جميع تقنيات المسرح الحديث والمسرح التقليدي إلى المسرحية. كما حاولتُ ألّا أترك أي مشهد يشعر فيه الجمهور بالملل. المسرحية هي المعاناة الحقيقية للفلسطينيين، وقَدَرُ مريم أيضاً التي فقدت عائلتها بسبب الاحتلال الصهيوني. ورغم مضايقات المحتلّين الإسرائيليين، إلّا أنها لم تترك بيتها المطلّ على المسجد الأقصى".

وتتابع: "في نهاية المسرحية، تَقبل مريم الصدمة الكبرى وتخرج من منزلها من أجل حماية المسجد الأقصى. وبينما تغادر المنزل في المسرحية، تترك فلسطين في عهدة الجمهور، وتقول: إذا حدث لي أيّ شيء، فاستمرّوا في الحديث عن فلسطين. أعرف أنه لا وقت لديكم للاستماع، ولكن رغم كلّ شيء، يجب أن نتحدّث عن فلسطين".

تسعى الفنانة التركية إلى عرض مسرحيتها في بلدان مختلفة، وتقول حول ذلك: "أوّلاً وقبل كل شيء، هدفنا هو مدينة إسطنبول والمدن القريبة منها. وسوف نعرض المسرحية بعد ذلك في كلّ مدن الأناضول، وحتى ربما في القدس نفسها. نريد أن نعرضها هناك، وإذا أُتيحت لنا الفرصة فسوف نركض إلى القدس. هذا هو حلم فرقتنا المسرحية".

جدير بالذكر أن مسرحية "يجب أن نتحدّث عن فلسطين" عُرضت لأكثر من عشر مرات على مسارح إسطنبول المختلفة، خلال عشرين يوماً فقط بعد عرضها الأول، وما زالت تُعرض حتى الآن. وقد لاقت إقبالاً كبيراً من الجمهور التركي، وهو ما يؤكّد مركزية قضية فلسطين عند الشعب التركي، رغم الانقسامات الحادّة بين اليمين واليسار بمختلف أبعادهما الدينية والقومية.

المساهمون