يمثّل البُشناق جزءاً أساسياً من جُملة الشعوب والإثنيّات التي استقرّت في المنطقة العربية، حيث لا يمكن قراءة تاريخ التجمّعات الإثنية فيها، والمُشكِّلة لنسيجها الاجتماعي الغَنيّ، من دون النَّظر في وجودهم التاريخي.
هاجَر البُشناق، على وجه التحديد، من إقليم البوسنة والهرسك، إثر "اتفاقية برلين" عام 1878، التي سلّمت بموجبها الدولةُ العثمانية تلك المنطقة، لتكون تحت سيطرة إمبراطورية النمسا والمجر. وكما يحدث عند كلّ احتلال، اضطرّت مجموعة من سكّان البلاد للمغادرة، قبل أن تستقرّ في نواحٍ مُختلفة من أراضي الدولة العثمانية.
"المجتمع البُشناقي في فلسطين: تاريخ واستمرارية"، عنوان الندوة التي تنظّمها "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" باللّغتين العربية والإنكليزية، عبر منصّة "زووم"، عند السادسة من مساء السابع من أيلول/ سبتمبر المُقبل، ويتناول المشاركون فيها تاريخية الحضور البُشناقي في فلسطين قبل وبعد النكبة، من زوايا مختلفة.
تتضمّن الندوة خمس أوراق بحثية، هي: "إضاءات حول المجتمع البُشناقي في فلسطين والأردن" لعز الدين كتخدا، و"حول الاستيطان والأصلانية والهجرة في الدراسات الفلسطينية" لداريل لي، و"نبذة عن تاريخ البُشناق في فلسطين" لماهر الشريف، و"بين موستار وسراييفو ورام الله: تذكرات من يوغسلافيا" لعبد الأزل بُشناق، و"إضاءات عن البَشانقة في الأردن" لعدنان عبد الله بشناق.
يُشار إلى أنّ المجموعة الأولى من البُشناق، والتي بلغ تعدادها نحو أربعمئة عائلة، قد وفدت إلى فلسطين؛ بعد أن سمحت لهم الدولة العثمانية بالاستقرار في قيسارية جنوب حيفا، فعمّروها واستصلحوا أراضيها، وعملوا على زراعتها. لاحقاً، وخاصة بعد نكبة عام 1948، سكن بعضهم مدن الضفّة الغربية وقراها، مثل قرية يانون في محافظة نابلس، ومدينة طولكرم، وقرية رمّانة في محافظة جنين، ومدينة القدس.
أما القسم الثاني من البشانقة، فقد وصلوا إلى فلسطين خلال النكبة، للمشاركة في الدفاع عن البلاد، وكان من بينهم مئات المتطوّعين من الضبّاط والجنود البوسنيّين؛ حيث توزّع المتطوّعون بين القرى والمدن، ولا سيما في قرى الشمال.