أربع شخصيات تعيش مُحتجَزة في مكان يبدو غامضاً، مكان لا زمان له، ولا فعل فيه. وإن حدث شيءٌ فهو نتاج الخوف أو عدم القدرة على تغيير الأشياء. وهذا تحديداً ما يجعل هذه الشخصيات تارةً تتحالف وأُخرى تتواجه مع بعضها البعض، في محاولة للعثور على معنى العبث الذي يعيشون فيه. العبث هو القوّة الوحيدة المُحرِّكة لشخصيات المسرحية، وهو الوحيد الذي بإمكانه تحريرها من الموت والخوف.
هذه هي حبكة مسرحية "المجانين"، من تأليف وإخراج الممثّل والمُخرج الأرجنتيني كلاوديو غوتبيتر، والتي تُعرض حالياً على خشبة مسرح "إيوريكا" في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، وتتواصل لغاية السادس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ينتمي العمل إلى ما يُسمّى بالكوميديا السوداء أو مسرح العبث، ويتناول مجتمع اليوم عبر شخصيّات محبوسة في مكان لا زمن فيه. ينتظر هؤلاء، على مدى 107 دقيقة، شخصيّةً ضِمنيّة خامسة لن تصل أبداً، وكأنهم في ذلك ينتظرون أملاً بالحرّية من قيد لا ينفكّ، وسط تقلّبات المزاج والانتقال البطيء من حالات الأمل وأحواله إلى اليأس وسوداويّته.
هنا تحديداً ستنشأ المنافسات وسيواجه كلٌّ منهم مصيراً مختلفاً عن الآخر، في محاولة للتعبير عن المجتمع الذي يعيش فيه الكائن الإنساني، والذي لا يتوقّف عن التحوّلات السريعة، حيث نتبادل فيه جمعياً دور الجلّادين والضحايا. كذلك تتناول المسرحية حالات عدم الأمان، والمخاوف، والموت، ومرور الزمن، والعلاقات بين البشر والأشياء التي نتعلّق بها، ومحاولاتنا في إعطاء معنىً لكلّ ما لا معنى له.
"يتحدّث العمل عن شخصيات موجودة في حياتنا ومجتمعنا. يتحوّل فيها الخوف إلى كُرة ثلج تصيبُهم بالشَّلل. لا تتوقّف هذه الكرة عن الضخامة أكثر فأكثر. لديهم شعور بأنّهم في مكان آمن، ولكنّهم في حقيقة الأمر مُحتجزون. فهل ستنفجر كُرة الثلج؟ وماذا سيحلّ بهم إذا تركوا منطقة راحتهم وأمانهم؟ أسئلة تجيب عنها الشخصية الخامسة التي تعيش داخل كل مشاهد للعمل" يوضّح مُخرج المسرحية.