يُخصص "المتحف الفلسطيني" في بيرزيت (20 كلم شمال غرب القدس المحتلّة) الأشهر المقبلة لتظاهرة فنيّة من أجل غزّة تقام على ثلاث مساحات مختلفة، بعد تأجيل معارضه منذ بدء العدوان الإسرائيلي، والاكتفاء بمشاركة في معارض عربية بأعمال لفنانين فلسطينيّين من مقتنياته.
تنطلق التظاهرة عند الثانية من بعد ظهر الأحد المقبل، بافتتاح "هذا ليس معرضاً" في قاعة المعارض الرئيسيّة بالمتحف، والذي تحوي أكثر من 285 عملاً فنيّاً لما يزيد عن 100 فنّان غزّي، بالتعاون مع "محترف شبابيك للفنّ المعاصر" و"مجموعة التقاء للفنّ المعاصر" في غزة.
يشير البيان إلى أنَّ "هذا ليس معرضاً" يتقصّد "عرض أعمالٍ فنيّةٍ بعينها لفنّانين بعينهم، فلا أحد يملك أن يفعل ذلك الآن، إذ إنّ مجرّد التواصل مع الفنّانين الغزيّين أمر يكاد يكون مستحيلًا، فهم، مثل باقي الناس في غزّة، يجابهون حرب الإبادة الجماعيّة، ويعانون بؤس النزوح والجوع والبرد، وقد تركوا بيوتهم ومراسمهم خلفهم، مدمّرةً أو تنتظر، وقد أودعوا أعمالهم الفنيّة في مهبّ النار والقصف والموت. أمّا من يقطن منهم خارج غزّة، فقلوبهم تنفطر على معاناة أهلهم، أهلنا، ومصائرهم. كلّ هذا يجعل من مجرّد الحديث عن الفنّ الآن يبدو انفصاماً عن الواقع، كما يجعل التفكير في إنجاز معرضٍ بالطُّرق المعهودة ضرباً من العبث والترف".
ويستدرك "لكن، حيث تمعن آلة القتل والدمار في تحويل المشهد العمراني والطبيعي في قطاع غزّة إلى كتلٍ رماديّةٍ لا متناهيةٍ، تلتهم كلّ الألوان والتفاصيل الكبيرة والصغيرة، وحيث يلاحق الموت كلّ أشكال الحياة وأصواتها وتجلّياتها، يقف هذا المعرض، الذي جاءت لوحاته من بيوت الناس في الضفّة، بعد أن أنزلوها من على جدران بيوتهم، شاهداً قويّاً على روح غزّة العظيمة، والتي تعاقبت عليها في العقدَين الأخيرَين الحروب تلو الحروب، وأطبق عليها حصارٌ جائرٌ، ولكنّها كانت دائماً تنهض من جديد".
ويوضح البيان أنه "على مدى العقود الماضية، لم يكتفِ الفنّ في غزّة بدور الشهادة على قساوة الواقع، بل كان في جوهره تجلّياً لفعلٍ وجوديٍّ في مجابهة تلك القسوة التي تحاول تجريد الإنسان من إنسانيّته، وكان الفنّانون هم أوّل من يسعى إلى نشر بذور الحياة من جديد، وشقّ أنفاقٍ تُفضي إلى آفاقٍ أكثر رحابة".
تأتي المساحة الثانية في معرض فردي بعنوان "المفقودون" للفنان الغزّي تيسير بركات، والذي يقام في الرواق الزجاجي، وتدور أعماله حول الفقدان بمفهومه الواسع: فقدان الحياة والإحساس بالزمان والمكان، وفقدان الإحساس بذواتنا ووجودنا، وهو يرسم الحرب على مدينته منذ عام 2009، وتحاكي أعماله في معرضه هذا عالماً مبنياً على الفقد بمفهومه الواسع، ومفتوح على التأويل، وعلى احتمالات عديدة العالم لا نعرف على وجه التحديد إن كان عالم الفاقدين أم المفقودين.
أما الثالثة فبعنوان "نساء غزة" فتأتي في عرض إثنوغرافي في بهو المتحف لأثواب وحلي تراثية "تروي قصة نساء غزّة بين الإبداع والتهجير والتكافل، وترصد الحبّ الأزلي الذي يجمع نساء فلسطين بموروثهن الخالد، وتحكي حكاية ماضٍ لم يمضِ، ومستقبل يبدأ الآن"، وفق بيان المتحف.