رحل أمس، في القدس المحتلّة، الفنان الفلسطيني محمد الجولاني (1983-2020) بعد صراع مع مرض السرطان استمر لسنوات، وترك خلفه تجربة فنية كان شاغلها أسئلة الحرية وفلسطين والحياة اليومية، وكثير من أعماله تصور البشر في حالة انتظار أو بأجساد مهشمة أو مصابة وكأنها نجت من حرب، كما أن له عدة أعمال من البورتريه الذاتي، إلى جانب لوحات ذات طابع رمزي.
في الأشهر الماضية، أنجز الفنان، في عزلته حيث يعيش في البلدة القديمة، ثلاثة أعمال عن جائحة كورونا وفترة الحجر ويومياتها، وكان يظهر بنفسه في الثلاث لوحات، الأولى وهو يرتدي كمامة بينما عينه معصوبة، وكأنه يسخر من مفارقة أن تنجو من الفيروس ولا تنجو من رصاصة، وفي الثانية يرسم نفسه وهو يرسم اللوحة الأولى والثالثة يرسم انعكاس صورته في المرآة وهو يرسم اللوحتين السابقتين.
ربما تحاكي هذه اللعبة من الانعكاسات التي أنجزها الجولاني عبارة رفائييل ألبيرتي "أنت في وحدتك حشد"، أو ربما تصور فقط عزلة المرء القسرية التي جعلته محاطاً بذاته يتأملها من كل جانب، وحالة التكرار التي تسم اليوميات بالوحشة والملل.
درس الجولاني الشاب المقدسي الفنون الجميلة من جامعة القدس وتخرج منها عام 2009، وتابع في أكاديمية "بيالسل" أيضاً دراساته العليا في الفن المعاصر إلى أن أصبح محاضراً في جامعة القدس، ومُعَلِّماً للفنون في بعض المدارس، كما عمل مدرباً في ورش مختلفة تنظمها مؤسسات ثقافية في فلسطين.
في عام 2015، أقام فترة في باريس مشاركاً في أحد البرامج الفنية، وكذلك في الصين عام 2018، ومثل فلسطين في بينالي الفنانين الشباب في ألبانيا 2017، وفي العام 2016 جاء في المركز الثاني في جائزة إسماعيل شموط.