على خلافِ ما شهدته معظم البلدان العربية من إلغاء أو تأجيل للفعاليات الثقافية، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزّة، ومع استمرار ما تشهده من قصف وإبادة جماعية بحقّ المدنيّين والأطفال، ينحو المشهد الثقافي في العراق منحىً معاكساً؛ إذ لم يُعلَن عن تعليق أيّ نشاط ثقافي، بل استمرّت الأنشطة وكُيّفت مع الأحداث الجارية في فلسطين.
بعد يومَين من بدء عملية "طوفان الأقصى"، أعلن "الاتحاد العامّ للأدباء والكتّاب في العراق"، في بيان له، عن تضامنه مع الفلسطينيّين في حربهم ضدّ الاحتلال ونضالهم من أجل استرجاع أراضيهم المحتلّة، وتلت البيانَ مجموعةُ بيانات فرديّة وجماعية لمؤسَّسات ثقافية مختلفة، تبنّاها مثقّفون من مختلف المحافظات، عبّروا فيها عن مساندتهم المطلقة للفلسطينيّين ووقوفهم ضدّ المشروع الصهيوني.
لم يتوقّف الأمرُ عند تداوُل البيانات على صفحات التواصل الاجتماعي، بل تعدّاه إلى إقامة نشاطات ثقافية داعمة لغزّة؛ فعقب تصاعُد وتيرة العدوان الإسرائيلي بارتكابه مجزرة "المستشفى الأهلي المعمداني"، الثلاثاء الماضي، أُقيمت في اليوم التالي وقفاتُ حِداد في جميع المؤسَّسات الحكومية ومنها الثقافية، تلتها جلسةٌ شعرية في مبنى "اتحاد الأدباء" بحضور عدد من الشعراء والنقّاد، لإدانة العدوان والتضامن مع أهالي الشهداء والجرحى الفلسطينيّين، تحت عنوان "شعراء العراق يساندون الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى".
في اليوم نفسه، اختتمت فعاليات الدورة الرابعة من "مهرجان بغداد الدولي للمسرح" في "مسرح الرشيد"، وقد خُصّص حفل الاختتام، الذي أُلغيت جميع فقراته، لغزّة؛ حيث توشَّح المشاركون العراقيون والعرب بالكوفيات الفلسطينية ووقفوا حِداداً على الشهداء، ووجّهوا تحيةً إلى المقاومين الفلسطينيّين.
وفي "دار الكتب والوثائق" ببغداد، افتُتح، الأربعاء، مؤتمرُها السنوي "يوم الوثيقة العربية"، بوقفة حِداد على أرواح شهداء فلسطين، وكان محورُ المؤتمر "الوثيقة التاريخية: الأرشيف والفلسفة والذاكرة"؛ حيث أضاء المشاركون دور الأرشيف في توثيق الجرائم الصهيونية.
من جهته، أعلن "بيت الكاريكاتير العراقي" عن مسابقة خاصّة بالبورتريه الكاريكاتيري و"الكوميكس" و"الإنيميشن" بعنوان "طوفان الأقصى"، وموضوعات المسابقة عن فلسطين والمقاومة الشعبية، وتوثيق جرائم الكيان الصهيوني ونبذ التطبيع، وكشف انحياز مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الغربي للمحتلّ، وقالت المؤسَّسة إنّ اللوحات ستُعرَض في معرض تضامني مع غزّة.
أمّا "نقابة الفنّانين العراقيّين"، فأعلنت عن إقامة "سمبوزيوم للرسم الحر" يوم الثلاثاء المُقبل، قالت إنّ الأعمال التي يُنجزها الفنّانون المشاركون فيه ستُخصَّص لتوثيق مقاومة الفلسطينيّين وجرائم الاحتلال، وستُجمع في معرضٍ دائم يحتضنه مقرُّها. وقبل ذلك، استضافت النقابة، في الثالث عشر من الشهر الجاري، عرضاً أدائياً عن القضية الفلسطينية بعنوان "بأُم عيني 1948" من تأليف وإخراج وأداء الفنّان الفلسطيني غنّام غنّام.