في عام 2014، أصدر الباحث الأسترالي لوك راسل كتابه "الشر.. رؤية فلسفية" عن "منشورات جامعة أكسفورد"، وفيه يقدّم خلاصة تنظيرات الفلاسفة، قديماً وحديثاً، حول الشر بوصفه حقيقة أو مفهوماً خيالياً تحيط به العديد من الأساطير.
يحلّل الكتاب معنى أن يُنعت إنسانٌ أو فعلٌ بالشر، كما يحدث حين توصف فظائع الحروب والأعمال الإرهابية وجرائم القتل، إلّا أن مفردة الشر تبدو بسيطة ولا تعبّر عن طبيعة الأفعال الشرّيرة ودوافعها الحقيقة، التي قد توجد لدى معظم البشر، كما يناقش فكرة إصلاح الشر وإمكانية تحقّقها من عدمه.
صدرت حديثاً النسخة العربية من الكتاب عن "دار الكرمة للنشر" بترجمة محمد هوجلا-كلفت، حيث تطرحه الدار ضمن مشاركتها في الدورة الرابعة والخمسين من "معرض القاهرة الدولي للكتاب" التي تنطلق في الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
يطرح المؤلّف العديد من التساؤلات، مثل: ما الشر؟ وهل الشر دائماً مروّع أو غير مفهوم؟ أم هل يمكن أن يبدو "عاديّاً"؟ كما يوضح أن بعض المفاهيم المتداولة حول الشر تعتبر ناقصة، ولا يزال من الممكن صياغة تعريفات بسيطة ومفيدة للأفعال الشرّيرة والأشخاص الأشرار.
ويضرب راسل أمثلة حية تبيّن التنازع حول كلمة الشر، كما في "خطاب حالة الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش عام 2002، عندما وصف دولاً مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية بـ "محور الشر"، من أجل أن يستقطب الرأي العام حول موقف إدارته، مؤكّداً أن هذا الشر حقيقي وتجب مواجهته. وهنا يلفت الكتاب إلى نسبية هذه الرؤية وقبولها للنقاش، حيث يمكن لها أن تعكس نظرة أخلاقية ساذجة أو شوفينية، أو حيلة سياسية يُمَهَّد من خلالها لاحتلال بلد.
ويذكّر المؤلّف بأن النظرة إلى الشر تعكس خلافاً عميقاً بين أخلاقيين يأخذون الخطأ على محمل الجدّ، وبين الذين لا يتعاملون مع الأخلاق على أنها أكثر من تقليد اجتماعي تعسّفي، وكذلك تحيل إلى صدام بين المحافظين الذين يريدون فرض رأسمالية السوق الحرة في جميع أنحاء العالم، وبين الليبراليين الذين يناصرون حقوق الأقليات وفرض شكل من أشكال العدالة الاجتماعية، وغيرها من الخلافات التي تسود في العالم المعاصر.