في عام 1922، جمَع لويجي بيرانديلّو خمس عشرة قصة وأصدرها في كتاب "الشال الأسود" الذي حمل عنوان القصة الأولى من المجموعة. تروي القصة حكاية مدرّسة بيانو نذرت حياتها، بعد رحيل والديهما، لتربية شقيقها الذي أصبح محامياً، لكنه لم يستطع الدفاع عنها حين تعرّضت للاغتصاب، واضطر لقبول زواجها بالمغتصب، وكان ابن مزارع لم يبلغ التاسعة عشرة.
تدور أحداث قصص الكاتب المسرحي الإيطالي (1867 - 1936) في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى بين عامْ 1900 و1914، وتغلب عليها نظرة واقعية، خاصة في توصيفه لبطلة القصة التي خسرت شبابها ثمّ تزوجت في الأربعين من دون حب، وهو تحوّل فرضته الحرب، وأتى بعد كتابات قصصية نزعت إلى الرومانسية.
صدرت حديثاً النسخة العربية من المجموعة القصصية عن "معهد تونس للترجمة"، حيث نقلها من الإيطالية المترجم أحمد الصمعي وأستاذ اللغة والحضارة فتحي نقة.
تعكس نصوص المجموعة حياة إيطاليا في الفترة الزمنية التي كُتبت خلالها، من العادات والتقاليد أو القيود الاجتماعيّة التي يخضع لها من يعيش في وسط ريفي متمسك بالطقوس الدينية وبالتراتيب الاجتماعية، كما تكشف ملامح بعض شخصيات بيرانديلّو المسرحية التي ظهرت قبل ذلك في قصصه القصيرة.
كما يظهر النضج الفني في بناء الحبكة السردية في نصوص "ِالشال الأسود"، وقدرة كاتبها على تطوير عناصر سردية أخرى، واهتمامه بتشريح عدد لا يحصى من المواقف والصراعات تتأرجح مناخاتها بين الكوميديا والدراما الواقعية والتراجيدية.
أغلب النصوص تعبّر عن طبيعة مجتمع جزيرة صقلية، في الجنوب الإيطالي؛ مسقط رأس بيرانديلّو، الذي كرّس له جانباً مهماً من كتابته المسرحية والروائية والقصصية، لكن شخصيات هذه المجموعة تعيش حوادث مؤلمة وموت المقرّبين منها، تغلّف بطابع من السخرية وروح الدعابة، التي تصبح سمة لدى العديد منها، رغم المآسي التي تعيشها والتأثيرات المدمّرة على ذواتها بسبب تلك الحوادث.
ورغم أن لويجي بيرانديلّو اشتهر وصفه كاتب مسرح، إلا أنه أصدر العديد من المجموعات القصصية منها: "الحقيقة العارية" (1922)، و"الرحلة الثانية عشرة" (1928)، و" من الأفضل أن تفكر فيها مرتين" (1934).