رغم أن تناول الأوبئة من منظور اجتماعي وتأريخي وفكري ليس مألوفاً في الثقافة العربية، إلا أن انتشار فيروس "كوفيد – 19" كان محفزّاً لظهور بعض المؤلّفات في هذا السياق منها "أجراس الوباء" بمشاركة عدد من الكتّاب العرب والأوروبيين وتقديم الشاعر السوري نوري الجراح، و"الوباء وحرب الهويات" لحاتم علامي.
عن "منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية" في "جامعة محمد الخامس" بالرباط، صدر حديثاً كتاب "الجوائح عبر تاريخ المغرب.. الأنواع والأسباب والتدابير"، الذي يضمّ مجموعة دراسات لعدد من الباحثين في مجالات معرفية متعدّدة.
وجاء في تقديم الكتاب أن "العلاقات الاقتصادية التي ربطت المغرب بمجاله المتوسطي، أسطورياً وواقعاً، جعلته مستهدفاً بمختلف أنواع الكوارث الطبيعية وأشكال الجوائح الآتية إليه من العالم الخارجي، من شرقه وشماله".
وأشرف على جمع مادة الكتاب وإعداده كلّ من الباحثين البضاوية بلكامل ومحمد أبيهي، وقدّم له عميد الكلية أستاذ الأدب الفرنسي المقارن جمال الدين الهاني، وكما ُهدي لروح أستاذ التاريخ الراحل محمد الأمين البزاز، أحد رواد البحث العلمي في تاريخ الجوائح والأوبئة.
وشارك في تأليف هذا العمل، بحسب بيان الناشرين، ثلة من الأساتذة والباحثين المختصين في حقل الدراسات التاريخية من شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ومن شُعب التاريخ أخرى ومن مؤسسات تعنى بقضايا التاريخ في شموليته.
وتم تقسيم المساهمات العلمية المقدّمة إلى محورين؛ خُصص الأول للإحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه، بحيث قدمت المقالات الواردة بهذا المحور سردا لتاريخ الجوائح منذ العصور القديمة (15 ألف سنة قبل الميلاد).
وسلطت المقالات المنشورة في هذا المحور أيضا الضوء على القضايا التاريخية الكبرى؛ كأشكال تدبير المغاربة للجوائح، ومن ذلك استعمال "الترياقات"، ومسألة الحجر الصحي "الكرنتينا" عبر العصور المختلفة، وأشكال تدخل الدولة في العلاج ومكافحة الأمراض على اختلاف الحقب، ودور الزوايا وتكايا المتصوّفة في المغرب بمواجهة الأوبئة والكوارث الطبيعية، كما تم التوقف عند الانعكاسات والأضرار، سواء بالنسبة للأوبئة المستوطنة أو الوافدة بالتنبيه إلى مخاطرها.
واشتمل المحور الثاني من الكتاب على اقتباسات مستقاة من مصادر وأرشيفات ورقية ورقمية، بهدف إفادة المتخصصين والمهتمين بتاريخ الطب بالمغرب، وتطوّره خلال الفترة الزمنية موضع الدراسة.