"واقع وآفاق الترجمة بين اللغتَين العربية والأردية في جمهورية الهند" عنوان الندوة التي نظّمها افتراضياً، أول من أمس، الفريق الإعلامي في "جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" بالدوحة، وتحدّث خلالها الباحثون حبيب الله خان ومجيب الرحمن وثناء الله الندوة وعبد الماجد القاضي وحنان الفياض، وأدارها المترجم عبيد طاهر.
في ورقته "تجربة الهند في الترجمة من الأردية إلى العربية والعكس"، أشار خان إلى أن الهند توجد فيها اثنتان وعشرون لغة رسمية، وظلّت الأردية لغة رسمية وحيدة لشبه القارة الهندية في بداية الاستعمار البريطاني، إلى أن نافستها الإنكليزية وغلبتها، واستطاعت الأردية أن تحمل إرث الحضارات والمعتقدات في البلاد، ومنها الهندوسية والبوذية والسيخية والإسلام والمسيحية، ويصل عدد المتحدّثين بها إلى مئة وسبعين مليون شخص حتى اليوم، موضحاً أن الحكم الإسلامي للهند يمتدّ لثمانية قرون، وخلال هذه الفترة الطويلة، جاء آلاف العلماء العرب الذين استقروا في المدن الهندية، واشتغلوا في مجال الدعوة والتبليغ وتطوير الدراسات العربية والإسلامية، وبذلك، وجدت العربية أرضاً خصبة ورعاية كريمة من الملوك المسلمين. وأصبحت الترجمة في تلك المرحلة ضرورة فرضتها هذه السياقات الثقافية، لكن لم يحتفظ بنماذج منها.
تدرّس اللغة العربية في خمسين جامعة حكومية بالهند، إلى جانب مئات الكليات الجامعية
وبيّن أن العربية اليوم تدرّس في خمسين جامعة حكومية من أصل حوالي خمسمائة جامعة في الهند، إلى جانب مئات الكليات الجامعية التي تُعنى بتدريسها، خاصة في ولايات كشمير وكيرالا وأسام وغيرها، كما توجد شبكة كبيرة جداً من المدارس الإسلامية يصل عددها إلى ثلاثة وثلاثين ألف مدرسة، لافتاً إلى أن الترجمة بين العربية والأردية بدأت فعلياً في القرن الثامن عشر، وتصدرتها ترجمة معاني القرآن الكريم بنسخ مختلفة، ثم الحديث النبوي، وتراجم الأعلام، والفقه، والسير والتاريخ، والفلسفة والمنطق، إلى جانب علوم أخرى يصل مجموعها إلى حوالي ثمانية عشر ألف عنوان.
وتطرق مجيب الرحمن في ورقته "واقع الترجمة بين العربية والأردية في الهند"، أن أكثر من 90% من الترجمات بين اللغتين كانت من العربية إلى الأردية، مستعرضاً قوائم النقول بينهما وتفاصيل كلّ مؤلّف مترجم بعنوانه ومؤلّفه ومترجميه وسنة النشر ودار النشر، ومن الترجمات الحديثة لكتّاب مثل نجيب محفوظ وأحمد أمين وشوقي ضيف وأحمد حسن الزيات وغيرهم.
أكثر من 90% من الترجمات بين اللغتين كانت من العربية إلى الأردية
أما ثناء الله الندوي، فذكَر في ورقته "تجربة شخصية في عملية الترجمة من الأردية إلى العربية والعكس" جزءاً من عناوين الكتب التي ترجمها، وطبيعة المعوقات والصعوبات التي واجهته في ترجمة العديد من المصطلحات والمفردات، وكيفية إعادة إنتاج النص في اللغة، الهدف الذي يتجاوز مسألة التفسير والشرح، واستراتيجية الترجمة التي تبنّاها في تجربته.
"المعوقات أمام جهود الترجمة من وإلى العربية في الهند/ باكستان" عنوان الورقة التي قدّمها عبد الماجد القاضي، وتحدّث خلالها عن حالة الانحسار التي شهدها مجال الترجمة من وإلى الأردية في عصرنا الحالي، وتراجع تعلّم الأجيال الجديدة لها لقلّة الفرص في الاشتغال فيها، ثم تناول المعوقات أمام جهود الترجمة بجوانبها المختلفة، وخاصة التي تعترض المترجم أثناء ترجمة الشعر من وإلى العربية، مستشهداً بمقولة الجاحظ حول صعوبة ترجمته.
واختتمت الندوة حنان الفياض في مداخلة لها بعنوان "فلسفة الجائزة أهدافها وشروطها وقيمتها المالية"، مبينة أن اللغة الأردية أدرجت ضمن فئات الإنجاز هذه السنة، وذلك تقديرًا للأعمال التي تُرجمت من العربية إلى الأردية والعكس.