الإعلام الجديد والقضية الفلسطينية: أثرٌ لا يخفى

23 ديسمبر 2023
من مظاهرة في لندن للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، 23 كانون الأول/ ديسمبر (Getty)
+ الخط -

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مُهمّاً في تحشيد الرأي العالمي لنصرة القضية الفلسطينية، وإظهار حقيقة الإبادة الجماعية الصهيونية في غزّة، منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

هذا ما تناولته ندوةٌ افتراضية نظَّمها "المعهد العالمي للتجديد العربي" في مدريد، بعنوان "مشاهد التحوّل في الرأي العام العالمي نحو القضية الفلسطينية في ظلّ تأثير وسائل الإعلام الحديثة (وسائل التواصل الاجتماعي)" للباحثة اللبنانية غادة إبراهيم، وبُثّت أوّل من أمس الخميس عبر منصة "زووم".

قدّمت الندوة الباحثة العراقية خلود العبيدي، التي شدّدت على أن ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني، اليوم، هو إبادة جماعية موصوفة، وأن جرائم "إسرائيل" لا تستهدف الإنسان الفلسطيني فحسب، بل تحاول تشويه حقائق التاريخ أيضاً.

مؤثّرو وسائل التواصل تحوّلوا إلى رموز في مشهد مقاومة الاحتلال

انطلقت إبراهيم من حدث بسيط دفعها لبناء هذه الندوة، حيث شاهدت متظاهرة بلجيكية في إحدى الوقفات الاحتجاجية ببروكسل، تندّد بالمجزرة الصهيونية، وتستنكر موقف قادة الدول الغربية الذين يدعمون الكيان متذرّعين بأنهم يتحدّثون باسم شعوبهم. ومن هنا تذهب الباحثة إلى أنّ نوعاً من الوعي بدأ يتشكّل حول القضية في الغرب، مع رؤية آلاف المُتظاهرين في الشوارع، والذي يوازي تحرّكاتهم نشاطٌ كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتابعت الباحثة بأنّ رَصْد حركة المُناصَرة العالمية يُثبت أنّ كلّ الناس أصبحوا غزيّين من خلال فعل التضامن وإنسانيّته الشاملة. لكن مع ذلك، يبقى هناك انفصال بين الرأي العام المُساند للقضية الفلسطينية وآراء النخبة والقادة السائدة في بلدان "الديمقراطيات" الغربية، ونبّهت إلى محاولة المؤسّسات الإعلامية الكبرى توجيه الرأي العام، كجزء من "التلاعُب بالعقول لمواجهة الضغط الشعبي الملموس". 

ظلّ همُّ وسائل الإعلام الغربية، وفقاً لإبراهيم، أن تُظهر عملية "طوفان الأقصى" بأنها نقطة البدء، وكأن لا تاريخ من الإجرام الإسرائيلي قبل ذلك منذ نكبة عام 1948. وبالتالي تحوّلت هذه السردية كمقدّمة لتبرير الإبادة، بالترافق مع ضخّ كمية هائلة من الأكاذيب شكّلت "الانطباع الأوّل" عند المتلقّي. في المقابل، تلفت إبراهيم إلى أنّ الساحة الافتراضية حالة قمع وتقييد لحسابات أصوات شابّة مُناصرة للقضية، خاصة عند الفئة العمرية بين 18 و24 عاماً؛ حيث تعرّضت عدّة حسابات لناشطين من داخل غزّة لحظر فوري، وكلّ ما فعله أصحابها أنّهم نقلوا صورة الإجرام الإسرائيلي كما هي، وهذا ما تكرّر مع حسابات عربية مختلفة.

تشهد الساحة الافتراضية العالمية نشاطاً مضادّاً للسردية الصهيونية

 

وأشارت الباحثة، أيضاً، إلى عمليات القتل المباشر (أو التهديد بالقتل) التي تستهدف الصحافيّين، سواء في فلسطين أو جنوبي لبنان (استشهد قرابة مئة صحافي)، وأمام كلّ هذه المعطيات بدأ الكيان الصهيوني بتفعيل البروباغندا لتطويق الحقائق وتضليل الصورة  عند الرأي العام.

وختمت الباحثة بالإشادة بالمشهد الجديد الداعم للقضية الفلسطينية، بدءاً من مؤثّري وسائل التواصل الاجتماعي أمثال الفتى عبود بطاح والصحافي وائل الدحدوح والطفلة لمى جاموس والمئات غيرهم، مروراً بالاحتجاجات الطلّابية التي تغصّ بها الجامعات الغربية والشوارع في كلّ أنحاء العالم، وكذلك الأغنيات مثل "تحيا فلسطين"، والكوفيات المرفوعة بوجه عناصر الأمن، وصولاً إلى قناعة الكثير بجدوى الحديث عن غزّة، والاستمرارية في ذلك حتى وقف المجزرة.

بدوره، عقّب الباحث الفلسطيني جمال العملة على المُحاضَرة، مع مجموعة من المتدخّلين، مؤكّداً أنّ حال الإعلام بعد "طوفان الأقصى" لم يعُد كما كان قبلها، وأنّ التغيير جذريٌّ ويتمثّل في تراجع تأييد الرواية الصهيونية والعمل على كشف زيفها.

كتب
التحديثات الحية
المساهمون