الإخوة سحّاب.. الموسيقى قبل النكبة وبعدها

07 أكتوبر 2021
(مدينة يافا عام 1930، Getty)
+ الخط -

في بدايات القرن الماضي، تلقّى عدد من الفلسطينيين تعليمهم الموسيقي في المدارس المسيحية الغربية التي كانت منتشرة في أكثر من مدينة، وواصل بعضهم تعليمه في إيطاليا مثل سلفادور عرنيطة الذي عزف الكلاسيكيات الأوروبية في فرقة أوركسترالية أسّسها في القدس، إلى جانب آخرين كانوا من أوائل مَن درسوا في "معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية" الذي أُنشئ عام 1921.

"الموسيقى والغناء في فلسطين قبل 1948 وبعدها" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للإخوة إلياس وسليم وفيكتور سحّاب في جزأين عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت، ويستعرض الجزء الأول الذي ألّفه الباحث إلياس والموسيقي سليم الموسيقى قبل النكبة، بينما يتناول الأكاديمي فيكتور، في الثاني، واقعها ما بعد النكبة تحت عنوان "فعل بقاء في الأرض وفعل توحيد".

يهدف المؤلّفون إلى حفظ التراث والتاريخ الفني الفلسطيني الذي يتعرّض لغزو صهيوني يسعى إلى "اقتلاعه من وجدان الشعب العربي الفلسطيني"، ويضيفون على الغلاف قولهم: "كتاب مقاوم، شبثٌ لقيم شعب أبدع وغنّى ورقص وجاهد وقاوم بالنغم والغناء، مدافعاً عن قضيته، ومعرباً عن تمسّكه بشخصيته الثقافية والحضارية العربية".

يتناول الكتاب دور الإذاعة في فلسطين قبل النكبة بتطوير الموسيقى الشعبية

الإخوة سحّاب الذين ولدوا لأب لبناني اسمه موسى (1906 – 1991) وأم فلسطينية تدعى ندى عطا الله (1910 – 2007)، في مدينة يافا المحتلّة حيث نشأوا في عائلة تهوى الموسيقى وشاهدوا جانباً من الحياة الفنية الثرية التي كانت تحتضتها فلسطين آنذاك، قبل أن ينزحوا عام 1948 إلى عمّان ومنها إلى بيروت، حيث استمعوا في بيتهم اليافاوي إلى عزف الموسيقي السوري محمد عبد الكريم على آلة البزق.

يشير المؤلّفون إلى تلك الأسطوانات التي احتفظت بها العائلة لعدد من المطربين من أمثال سيد درويش وسلامة حجازي ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد، والذين زار معظمهم فلسطين وأقام فيها حفلاته، كما سجّلوا أغانيهم في إذاعاتها التي استقطب عدداً من الفنانين الفلسطينيين والعرب.

الصورة
غلاف الكتاب

يوثّق الإخوة سحّاب كتابهم بالمراجع والصور الفوتوغرافية، لافتين إلى دور إذاعتَيْ "القدس" و"الشرق الأدنى" في يافا في تطوير الرقص الشعبي الذي يشتمل فنون الدبكة، والسامر وعشرات الرقصات الأخرى، وكذلك الغناء الشعبي الذي أفردوا له فصلاً حلّلوا فيه نماذج منه، خاصّة الحداء، وكذلك مناسبات الغناء الشعبي.

كما تناول الكتاب ألحان الغناء الشعبي، مع تنويطٍ لبعضها، وتأصيل لقوالبها اللحنية المشتركة بين فلسطين وسورية ولبنان والأردن وأحياناً العراق، كما تناولوا أنواعاً مثل الموّال، والعتابا، والمعنّى، والدلعونا، ويا ظريفة تطول، والجفرة، وعاليادي، والغزيِّل، ويا حْنينا، ومرمر زماني، وأبو الزلف، وليّا وليّا، وجملو، وأسمر اللون، والمشعَل، والزغرودة، والشروقي وغيرها.

يقف الكتاب عند المراحل التي مرّت فيها الموسيقى في فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، وصولاً إلى ثلاثينياته وأربعينياته التي شهدت ازدهاراً كبير وصعود أسماء عديدة مثل حليم الرومي وروحي الخماش وصبري الشريف، وكيف ساهم هؤلاء في تطوير المشهد الموسيقي العربي بعد التحاق بعضهم للعمل في إذاعات بيروت ودمشق وبغداد.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون