"اتحاد الكتّاب العرب": الأزمة وارتداداتُها في سياق مغربي

23 يونيو 2024
جانب من ساحة يعقوب المنصور في الرباط، 2015 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- انعقدت الدورة الـ28 من المؤتمر العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب في القاهرة، وسط جدل بسبب دعوة رئيس الاتحاد المنتهية ولايته ومقاطعة 11 اتحادًا بقيادة اتحاد كتّاب المغرب، مطالبين بمؤتمر "قانوني" جديد.
- تفاقمت الأزمة بسبب قرارات حبيب الصايغ، مثل مقاطعة كتّاب قطر وتهريب مؤتمر لأبوظبي، ما أثار تساؤلات حول شرعية المؤتمرات اللاحقة ووصف المؤتمر الأخير بأنه "مهرب وغير شرعي".
- تبرز الأزمة صراعًا على السلطة داخل الاتحاد، مع دعوات لإعادة تنظيم مؤتمر يعيد الشرعية والدور الثقافي للاتحاد، وسط تحذيرات من مقاضاة الأعضاء المشاركين دون تفويض رسمي.

انعقدت في الثلاثين والحادي والثلاثين من الشهر الماضي أعمال الدورة الثامنة والعشرين من المؤتمر العام لـ"الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب" في القاهرة. دورةٌ كانت لها ارتداداتُها العديدة، خصوصاً أنّ الجهة التي دعت إليها، أي رئيس الاتحاد الكاتب المصري علاء عبد الهادي، قد انتهت ولايته منذ أكثر من عام ونصف عام، فضلاً عن أنّ أحد عشر اتّحاداً من اتّحادات الكُتّاب العربية كانت قد أعلنت مقاطعتها المؤتمر، داعية إلى إقامة مؤتمر جديد و"قانوني".

وعلى رأس هذه الفروع "اتحاد كتّاب المغرب"، الذي تحدّث رئيسُه الباحث والأكاديمي عبد الرحيم العلام إلى "العربي الجديد"، لافتاً إلى أنّ "ملامح الأزمة بدأت مع تولّي الإماراتي الراحل حبيب الصايغ أمانة الاتحاد العام، في المؤتمر العام بأبوظبي عام 2015. وأمام كلّ ما قدّمناه له من تنازلات، بخلفية محبّة وتضامن مع 'اتحاد كتاّب وأدباء الإمارات'، حيث قُمنا بسحب ترشُّحنا في آخر لحظة لمنصب الأمين العام، رغم حظوظنا الكبيرة للفوز بهذا المنصب، إلّا أنّه وقع في أخطاء تنظيمية كثيرة، كانت وراء تعميق الأزمة بين اتّحادنا والاتحاد العامّ".

ويُتابع رئيس "اتحاد كتّاب المغرب" حديثه: "لكنّ النقطة التي أفاضت الكأس تمثّلت في ذلك القرار الخطير الذي اتّخذه الصايغ، في استجابة لبعض الإملاءات، وفي خَرْق تامّ للنظام الأساس للاتحاد العامّ، ونقصد البيان الذي أصدره الصايغ باسم الاتحاد العامّ، والقاضي بمُقاطعة كُتّاب دولة قطر ومثقّفيها ومنشوراتها، بل والتلويح بمعاقبة كلّ من سوَّلت له نفسه أن يتعامل ويتواصل معهم، في حين كان على الاتحاد العامّ أن يبقى على مسافة حِياد، بعيداً عن فخّ أيّة قرارات سياسية. فضلاً عن لجوئه إلى تهريب مؤتمر عام، كان قد تقرّر رسميّاً في مؤتمر عام عقدُه بالرباط، إلى أبوظبي عام 2019، وهو ما يضع علامة استفهام قانونية كبيرة حول مدى شرعية كلّ المؤتمرات التي أعقبت مؤتمر أبوظبي الأوّل عام 2015".

أحد عشر اتّحاداً أعلنت مقاطعتها مؤتمر القاهرة

أمّا المؤتمر الأخير في القاهرة، فيصفه العلام في حديثه بـ"المُهرَّب وغير الشرعي"، كون الأمين العام الذي دعا إليه لا يخوّله القانون ذلك، مضيفاً أنّ انعقاده بـ"من حضر، يُشكّل سابقة خطيرة وتحايلاً تامّاً على النظام الأساس". ويُضيف: "اتّخذنا في مكتبنا التنفيذي قراراً يقضي بتجريب كلّ الطرق المُمكنة، بغاية تجاوز كلّ المعيقات غير المبرّرة السابقة، فمددنا يد المحبة والعون لـ'الأمين العام'، وهو الذي ظلّ على تواصل مُعلن، وهو يظنّه خفيّاً، مع بعض 'الانقلابيّين' في اتّحادنا، بغاية التنسيق والتحريض، بل إنّنا عرَضنا عليه 'مبادرة لإنقاذ الاتحاد العام' من مصير مجهول، لكنّ 'الأمين العام' ظلّ يُفاجئنا بما اعتاد عليه من أساليب، فقام بمجازاتنا عبر توجيهه دعوتين لشخصَين انقلابيَّين في اتّحادنا، أحدُهما لغرض تكريمه ضمن 'جوقة للمُكرَّمين'، والآخر ليشارك، باسم اتحادنا، في 'مؤتمر مُهرّب وغير شرعي'، بصفته 'نائباً لرئيس الاتحاد'. يحدث هذا، في الوقت الذي تلقّيت فيه، بصفتي رئيساً للاتحاد، دعوة رسمية بالاسم والصفة لحضور المؤتمر المزعوم، لكن بعد أن تأكّد 'الأمين العام' أنّ اتحادنا لن يحضر ولن يشارك في مؤتمر غير شرعي وبلا نِصَاب، لجأ إلى أسلوبه المعهود، معوّضاً صوت الرئيس الشرعي بصوت النائب الانقلابي".

الصورة
عبد الرحيم العلام - القسم الثقافي
عبد الرحيم العلام، رئيس "اتحاد كتّاب المغرب"

وعن قانونية التهديد بمُقاضاة العضوين اللذين حضرا مؤتمر القاهرة الأخير، وهُما حسن نجمي وإدريس الملياني، وإلى ماذا تستند هذه الخطوة، يُجيب عبد الرحيم العلام: "في كلّ مرّة نُواجه فيها مثل هذا الشغَب، نلجأ، أحياناً، مُكرهين إلى القضاء، طلباً للإنصاف وانتصاراً للشرعية، وهو ما كان يتم فعلاً عند كلّ إنزال تحكُّمي مُفتعل. ومن بين آخر تلك التصرُّفات والخرجات المشينة لبعض الانقلابيِّين على الشرعية، هرولة اثنين منهم إلى القاهرة، في استجابة متهوّرة وغير مشرّفة لاتّحادنا، حيث حظي أحدهم بـ'تكريمه' في مجلس كئيب شبيه بمجالس العزاء. أمّا الثاني، فظهر جالساً القرفصاء من دون أدنى استحياء، في قاعة المؤتمر المزعوم، والعلَم الوطني أمامه، في سابقة خطيرة، تورّطه بتهمة استغلال رمز وطني مقدّس في مؤتمر غير شرعي قاطعَه اتّحاد بلده لاعتبارات كثيرة... لذا، فالقانون مُلزِم وواضح في مثل هذه النازلة الخطيرة، وهو ما يُعرّض المعنيَّين معاً لتُهمة استغلال وضعيّات لا صلة لهما بها، وقد جرى توظيفهما بغرض الإساءة لاتّحادنا فقط، عِلماً أنّهما لم يُختارا أو يُرشحا ويُنتدبا رسميّاً من قِبل المكتب التنفيذي أو رئيسه لحضور تلك الفعاليات غير الشرعية".

المؤتمر العام هو الفضاء القانوني الذي تجرى فيه المُحاسبة والنقد

وعادت "العربي الجديد" لتسأل رئيس "اتحاد كتّاب المغرب" من موقع مسؤوليته، خاصّة أنّنا حاولنا الاتصال بالكاتبَين المعنيَّين حتى نقف على وجهة نظرهما، لكننا لم نلقَ منهما جواباً، وهُنا كان لزاماً علينا أن نسأل: عندما نتحدّث عن أزمة، يتبادر إلى الذهن أنّ هناك أطرافاً فاعلة فيها، وإن كانت مُتناقضة أحياناً، إلّا أنها قد تتحمّل مسؤولية على نحو مُشترك، كما يقول البعض، وخاصة من هُم في جهة المسؤوليّة الرسمية؟

وحول هذا التفصيل يُجيب العلام: "نحن لا نُبرّئ أنفسنا من شيء، وإن كان القضاء قد برّأنا ممّا يفتريه علينا البعض ظُلماً وعُدواناً، علماً أن المؤتمر العام هو الفضاء القانوني الذي تجرى فيه المُحاسبة والنقد والمكاشفة وغيرها، وليس في مقاهي الرباط والقاهرة. وهؤلاء، بمعيّة من يُحرّضهم من جهات أُخرى داخل المغرب وخارجه، يُدركون هذا جيداً، وإلّا لكانوا قد احتكموا إلى المؤتمر العام بطنجة عام 2018، أو إلى المؤتمر الاستثنائي بمدينة العيون عام 2023، أليس هذا ما يطالبون به، فلِمَ لَم يجعلوا عقد المؤتمر أولويتهم؟".

وختَم رئيس "اتحاد كتّاب المغرب" حديثه إلى "العربي الجديد" بالقول: "نحن في الاتحاد لا نعتبرها 'أزمة'، فالأزمة أكبر من أيّ صراع صغير يُتقنه المتربّصون بالاتحاد، والأزمات تكون مُنتجة أحياناً. لذا، فاتّحادُنا اليوم لا يعيش أزمة تنظيم أو أفكار. ربّما عاش هذا في فترات تاريخية سابقة، حين كان الصراع فكريّاً وأيديولوجياً ونقدياً بين تيارات فكرية وسياسية. كما أنّ الغاية اليوم لا تتوقّف على عقد مؤتمر جديد فحسب، فهذا أمر واجب وضروري، وقد نظّمنا مؤتمرين في مناسبتين سابقتين، جرى إجهاضهما، بل هي أيضاً التخلّص من المتربّصين وفسادهم الذي ظلّ جاثماً على أنفاس مغربنا الثقافي".
 

المساهمون