ابن دقماق.. عمران مصر المملوكية

06 يوليو 2021
(طباعة حجرية لمسجد السلطان حسن الذي بناه المماليك تعود إلى عام 1845، Getty)
+ الخط -

تميّز العصر المملوكي ببروز اتجاهات جديدة في التأريخ اعتمدت لدى كثير من أصحابها على كتابات ابن خلدون الذي أقام في مصر خلال القرن الرابع عشر، وانصبّ اهتمامهم على تطوير مفاهيم متعلّقة بفلسفة التاريخ والنقد التاريخي، وتوثيق مجالات لم تحظ باهتمام سابقيه.

في هذه الظروف، نشأ صارم الدين إبراهيم بن محمد (1349 - 1406)، الملقّب بـ"ابن دقماق"، الذي عرف عنه غزارة إنتاجه، حيث ألّف عشرات الكتب والشروحات، وتنوّعت تصنيفاته التي كشفت عمق اطّلاعه على الثقافة التركية لدى السلاطين المماليك وتأثيرها على الحياة الاجتماعية والثقافية، وتركيزه على فهم تطوّر العمارة والعمران في عدد من المدن المصرية.

عن "مركز دراسات الحضارة الإسلامية" بمكتبة الإسكندرية، صدرت حديثاً نسخة محقّقة من كتابه "الانتصار لواسطة عقد الأمصار" بتقديم مصطفى الفقي وتحقيق أيمن فؤاد سيد، وكانت الطبعة الأولى من الكتاب نشرتها "المطبعة الأميرية الكبرى" في القاهرة عام 1893.

يتناول الكتاب طبيعة التنظيم الإداري لمصر في العصر الإسلامي المعتمد على النظام البيزنطي

يدرس ابن دقماق في مجلّدين طبيعة التنظيم الإداري لمصر في العصر الإسلامي المعتمد على النظام البيزنطي، مضيئاً تقسيم الديار المصرية إلى مديريات ومحافظات في زمنه، مع وصف دقيق لحواضرها الكبرى وأسماء كورها (المراكز)، وقراها ومساحتها، والجهات المقطعة عليها، وأبرز أسواقها وجوامعها ومدارسها وسائر أبنيتها وشوارعها.

ينتمى الكتاب إلى مجال الجغرافيا التاريخية، بحسب الناشر، وهو نوع من التأليف ازدهر في مصر اعتباراً من العصر الأيّوبي، واعتمدت هذه المؤلّفات على عمليات "الروك"، أو فك الزمام، التي كانت تجرى كل ثلاثين سنة من أجل التوفيق بين السنة الهِلالية والسنة الخَراجية، سعياً إلى تعديل ما هو مفروض على البلاد من الأموال الخراجية.

غلاف الكتاب

ويشير التقديم إلى أنه "على الرغم من أن هذا الكتاب الموسوعي وصل إلينا منه الجزءان الرابع والخامس بنسخة من خطّ المؤلف نفسه، وهو أمر نادر الحدوث في عالم المخطوطات، إلا أنه نُشر على يد المستشرق الألماني كارل فولرز في طبعة سقيمة صدرت عام 1893، لا يمكن الاعتماد عليها. لذلك عكف الأكاديمي أيمن فؤاد سيد على تحقيق تلك الموسوعة الرائعة التي توثّق لمُدننا وقرانا، وتلقي الأضواء على خطط الفسطاط والقاهرة وأهمّ معالمها من مساجد ومدارس ودور وحمّامات".

يُفتتح الكتاب بمدينة الفسطاط التي أسّسها عمرو بن العاص عام 641 م، ويقف ابن دقماق عند حارات المدينة: الوسيميين، والعرب، وابن عشرات، والحصين، والليثي، وبني اليزيدي، وغيرها، ويُسهب في تقديم شوارعها وأزقتها وبواباتها، وطرز بنائها، وتحسنياتها عبر العصور.

تمّ ضبط النص ضبطاً كاملاً، وعلى الأخصّ أسماء الخطط والمواضع والكور والقرى التي يتسرّب إليها التصحيف والتحريف، ووُضع خطٌّ فوق أسماء مؤلّفي المصادر التي أحال عليها مؤلف الكتاب الموسوعة، ليستدلّ عليها القارئ بوضوح. وأُلحق بالكتاب عددٌ من الكشّافات التحليلية للخطط والمواقع الأثرية، والمراكز والقرى والأنهار، والأعلام والمصطلحات النوعية ولمصادر الكتاب والآيات القرآنية والأحاديث النبوية والقوافي الواردة في الكتاب.

المساهمون