نشَر إيفان سيرغيفيتش شميليف أولى نصوصه القصصية عام 1895، التي ركّز خلالها على المضامين الاجتماعية في مرحلة شهدت روسيا أكثر من موجة احتجاج، لذلك اهتمّ بتصوير شخصيات تنتمي إلى الفئات البسيطة في المجتمع، ورغم أنّه سعى لامتهان المُحاماة إلا أنَّ الكتابة ظلّت أداته الأساسية للتعبير عن آرائه ووجهات نظره في تلك الفترة الحرجة.
لم ينل الكاتب الروسي (1873 – 1950) حضوره في المشهد الأدبي قبل عام 1920، حين بدأ معارضته للبلاشفة بعد استيلائهم للحكم، ورأى فيها هزيمة لروسيا العظمى، ما دفعه لقتالهم ضمن المجموعات المناوئة لهم في شبه جزيرة القرم، ثم اضطر للذهاب إلى المنفى في باريس، حيث أقام حتى رحيله.
رواية مشبعة بالمعاني الدينية والروحية لمواجهة العسف والظلم
كتَب شميليف عدداً من الروايات البارزة التي تناولت تحوّلات المجتمع الروسي بعد الشيوعية، وكذلك عن تجربته في جزيرة القرم، كما ظلّ البعد الروحاني مشبعاً في كتاباته، منتقداً واقع أوروبا والغرب في هذا السياق، إلّا أنَّ معظم أعماله لم تترجم إلى العربية.
يصدر قريباً عن "دار المأمون للترجمة والنشر" في بغداد رواية "الكأس التي لا تنضب"، لشميليف، بترجمة منى دماك قاسم، وهي تنتمي إلى أعماله التي تتشبّع فيها المعاني الدينية والروحية باعتبارها ملاذَ الإنسانية في مواجهة العسف والظلم.
الرواية التي صدرت طبعتها الأولى باللغة الروسية عام 1921، تتناول قصة رسام أيقونات كنسية في بلدته ألوشتا التي تقع في القرم، حيث تتصاعد الأحداث بعد ثورة تشرين الأول/ أكتوبر 1917 وتؤثّر على مجربات العمل كله، ضمن اقتباسات كثيرة من الكتاب المقدس ومحاولة إسقاطها على الواقع في تلك اللحظة.
يأخذ مفهوم "الفرح" دلالات مختلفة في الرواية عبر ارتباطاتها بصور ومجازات صوفية روحانية، فيفرح البطل بظهور قوس قزح الذي يشكّل جسراً بين السماء والأرض، وصلة بين الإنسان والله، ويعبّر المفهوم أيضاً عن الانسجام مع الذات والسلام الداخلي، وكذلك التسامي عن الأخطاء والصغائر.
يشير الناشر في كلمته على غلاف الرواية إلى أن شميليف "كرّس في الرواية كلّ ما يؤمن به من مبادئ ليجعلها موجهة لجميع المتمسكين بالمثل العليا والنقاء الروحي، مستعملاً أيقونة السيدة العذراء محوراً لهذه القصة التي ترجمت إلى العديد من اللغات الأوروبية، وتنقل إلى العربية للمرة الأولى".