إيسامو نوغوتشي.. الطبيعة صلةٌ بين الإنسان والخرسانة

30 يناير 2022
إيسامو نوغوتشي (1904 - 1988)
+ الخط -

نشأ إيسامو نوغوتشي في مدينة لوس أنجليس، في عائلة تُعنى بالكتابة والأدب. فوالده الشاعر الياباني يون، نشر العديد من القصائد باللغتين اليابانية والإنكليزية إلى جانب أعماله النقدية، ووالدته الصحافية الأميركية ليوني غيلمور التي كتبت سيرتها الذاتية وتحوّلت إلى فيلم سينمائي.

انتقل الفنان الياباني الأميركي (1904 – 1988) للعيش في اليابان برفقة أمّه التي انفصلت عن أبيه، لكنه عاد إلى الولايات المتحدة عام 1918 لإكمال تعليمه فيها، حيث ترك دراسة الطب وتوجّه إلى النحت وسافر إلى باريس ليتلقى تدريباً مدّته سبعة أشهر في استوديو النحّات الروماني قسطنطين برانكوسي (1876 - 1957)، ليبقى تأثيره واضحاً في مجمل تجربته.

يُفتتح عند الثانية عشرة من ظهر الجمعة، الرابع من الشهر المقبل في غاليري "وايت كيوب برموندسي" بلندن معرض "الطبيعة الجديدة" لإيسامو نوغوتشي الذي يتواصل حتى الثالث من نيسان/إبريل 2022، ويضمّ مجموعة من منحوتاته الفولاذية.

الصورة
(من المعرض)
(من المعرض)

قال الفنان لمجموعة من طلّابه سنة 1970: "إنّ طبيعة الأشجار والعشب واحدة، ولكن هناك العديد من مستويات الطبيعة. يمكن أن تكون الخرسانة طبيعة، والمساحات بين النجوم هي أيضاً طبيعة. وهناك طبيعة بشرية". بهذه العبارات يمكن فهم منظور نوغوتشي الذي يعكس في جانباً منه الميثولوجيا اليابانية في نظرتها إلى تضاد عناصر الطبيعة وتكاملها.

تشير منحوتاته إلى مناظر أحلام غامضة عبّر عنها في سلسلة من الأشكال التجريدية التي تحتفي برموز طوطمية، وتبرز سطح الخشب والرخام والحجر قريباً من ملمس جلد الإنسان، وكان يعتقد أن النحت يتحمل مسؤولية في تشكيل البيئة التي يسكنها، لذلك صمم العديد من الملاعب والمسارح لتحقيق هذه الغاية، بالإضافة إلى تصميماته للأثاث والديكورات الداخلية، مثل المصابيح وطاولات القهوة التي تحقق فلسفته في أن "النحت موجود فقط لإعطاء معنى للفضاء".

استفاد الفنان أيضاً من معرفته بفن الخط والأزياء والرقص، باحثاً عن أسلوبه الخاص في مرحلة هيمنت المجسّمات الفولاذية على النحت في الولايات، التي رأى فيها تعبيراً عن جفاء وبرودة تعكسهما الحداثة وعدم إدراكها التنوّع الثقافي كجزء أساسي من الحضارة الإنسانية.، وتُظهر الأعمال المعروضة ثيمة رئيسية تتصل بعدم فصل النحت عن الواقع وجعله جزءاً من الحياة اليومية وفوضاها التي لا يمكن انتظامها في نسق أو بناء محدّدين، في قطيعة مع النحت الأوروبي الذي نظر إليه من زاوية التقديس أو الارتقاء عن الفضاء العام فترة طويلة.

لم يتبنّ نوغوتشي أسلوباً واقعياً في أعماله، ولجأ إلى تبسيط عناصر الطبيعة ونحتها بشكل اختزالي تجريدي، لذلك سادت الأشكال البيضوية والأسطوانية على منحوتاته، بدلاً من الزوايا والاستطالات، وعدم التزام مادة واحدة في نحته وتجاوزه فكرة وجود قاعدة واحدة في العمل الفني.
 

المساهمون