في 2013، أدرجت "منظّمة الأُمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) آلةَ الإمزاد، المعروفة لدى قبائل الطوارق في الجزائر ومالي والنيجر والتشاد وبوركينا فاسو، ضمن قائمة التراث الإنساني. وحتى وقت قريب من ذلك، كانت هذه الآلةُ، التي يعود تاريخُها إلى قرون خلت، مهدَّدةً بالزوال، لولا بعض النساء اللاتي بقين يعزفن عليها ويورثنها إلى أجيال جديدة. والجزائريةُ إيدابير بيات، التي رحلت أوّل أمس الثلاثاء، كانت واحدةً منهن.
والإمزاد آلةٌ وترية تُشبه الربابة، تُصنَع من قدح خشبي يُغطّى جوفُه بجلد، وتُشدّ إلى عوده أوتارٌ من شعر الخيل. أمّا ميزتُها، فهي أنّ استخدامها حكرٌ على النساء؛ إذْ تعتبر المجتمعات "التارغية" استخدامها من قبل الرجال أمراً معيباً. لكنَّ الرجل لا يغيب في موسيقى الإمزاد التي يُستخدَم فيها الدفُّ والتصفيق أيضاً؛ بل يحضر مُنشداً للأهازيج الزجلية فيها.
وُلدت بيات في تمنراست جنوب الجزائر عام 1923، وتعلّمَت العزف على الإمزاد من والدتها، وهي في السادسة من عُمرها، قبل أن تبرز، إلى جانب نساء أُخريات، في هذا النمط الموسيقي الذي أسهمت في الحفاظ عليه، من خلال ممارسته وتعليمه لبناتها ولنساء من منطقتها.
ورغم تخطّي هذا الفنّ حدوده المحلّية وظهور فرق أدخلت تطويراتٍ كثيرةً على الموسيقى التارغية، فإنّ توثيق الأشكال التراثية منه من قبل المؤسّسة الرسمية يبدو أقلّ من المطلوب. المثال الأبرز عن ذلك هي إيدابير بيات نفسُها، والتي لا نجدُ الكثير عن تجربتها على الإنترنت، سواءٌ تعلّق بالأمر بصُورها أو بأعمالها الموسيقية.