عناصر شتّى تشتبك في معرض "إنهيمن: حَبّ الرمان"، الذي وقّعه التشكيلي المصري علاء أبو الحمد (1979)، في "غاليري موشن آرت" بالقاهرة، واختُتم يوم أمس الخميس. فمن التراث المصري الفرعوني القديم، إلى الطبيعة التي تَمنح بسخاء مقداراً عالياً من الحيوية داخل اللوحة، وصولاً إلى العنصر البشري الذي يؤكّد إنسانية المشهد، يبقى الناظم، في كلّ ما سبق، خيال الفنان، فوحده مَن يقوى على إقامة التوزانات بينها.
ولا يقتصر حضور الطبيعة على عنوان المعرض، أو وجود فاكهة الرمّان المتوزّعة على اللوحات فحسب، إذ لا يخفى أنها تستحيل مفهوماً خفياً أحياناً، خصوصاً لو نظرنا إلى خلفيات بنّية تذكّر بالتراب، وأُخرى زرقاء تُحيل إلى الماء، فضلاً عن غلالة صفراء تُلقى على الكائنات بعذوبة تُشبه غروباً نيلياً.
كما أنّ استلاف ثمرة الرمّان فيه الكثير من الإشراقات، وهو، وإن استبطنَ معنى إيروتيكياً، إلّا أنه يبقى بعيداً عن الفجاجة، الإشارة فيه تذوبُ في محيطها، وتُحاربُ نفسها في أن تكون نافرةً، فتستنزف قدرتها على القول.
على العكس تماماً: الانتقال من لوحة إلى أُخرى، بالعناصر ذاتها (الرمان والمُحِبّ والمحبوب)، تلوّنت إيقاعاتُه واستطاع تجنّبَ الإملال، والإبقاء على مسافة من التأويل.
يحافظ أبو الحمد في رسم الشخصيات على الملامح الفرعونية بيّنتها الجداريات والنقوش، إلّا أنها أيضاً وجوهٌ مُوحية، تحملُ علامات الصمت وتعيشه، رغم الحواريات الأثيرية المنعقدة بينها. من ناحية ثانية، يحتوي المشهد على مفارقة، إذ تعكس الثياب التي ترتديها هذه الشخصيات الصمت الداخلي، على الرغم ممّا يعجّ به المحيط من حولها من مغريات، وبهذا يُصبح التلامُس بينها شكلاً من أشكال الاتحاد.
ولو نظرنا إلى المعرض من خلال مسيرة الفنان، نجد أنه يبني كثيراً على آخر معرضين أقامهما: "ألكا وألبا: الروح والجسد" ("غاليري موشن"، 2022)، و"عروس النيل" ("غاليري سماح"، 2020)؛ لوحاتٌ بحُجوم كبيرة، يمكنُ للمتلقّي أن يُقلّب بصره في العمل الواحد منها بوجوه تأويلية عديدة، ومن ثمّ طبيعة وتراث لا يتوقّفان عن إمداد الخيال بطاقة رمزية عالية.