في عام 2013، أطلق "المجلس العربي للعلوم الاجتماعية"، الذي يتّخذ من بيروت مقرّاً له، الدورة الأولى من مؤتمره البحثي الذي يعقده منذ ذلك الحين مرّةً كلّ عامين، بهدف الإضاءة على راهن البحث العربي في العلوم الإنسانية والاجتماعية وتوفير منصّة تمكّن الباحثين العرب من التشبيك والتواصل في ما بينهم.
عند التاسعة من صباح اليوم الخميس، عاد مؤتمر "المجلس" بنسخته السادسة، التي تتمحور حول عنوانٍ عريض هو "إنتاج المعرفة النقدية في المنطقة العربية"، وتستمرّ، في فندق "كراون بلازا" بالعاصمة اللبنانية، حتى مساء الأحد المقبل، الثامن والعشرين من الشهر الجاري.
تُقام خلال هذه الأيام الثلاثة 85 جلسة، إلى جانب طاولات مستديرة وعروض أفلام ومعرض مصغّر للكتب، بمشاركة عدد من الباحثين والكتّاب والفنّانين من بلدان عربية مختلفة.
افتُتحت التظاهرة بمحاضرة ألقاها، عن بُعد، عبر الفيديو، الكاتب السياسي السوري ياسين الحاج صالح تحت عنوان "ما لا يُكَذَّب وما لا يُصَدَّق: الأيديولوجيا والفظيع"، والتي قدّم خلالها تفكيكاً لبنية الطغيان التي وضعها نظام الأسد في سورية وحَكم من خلالها البلد خلال عقود، حيث يستند الحاج صالح إلى مفهوم "الفظيع" كمفتاح نظريّ يكثّف "سياسات" النظام في الحُكم والترهيب والتعذيب والتهويل، والتي تقترب من المستحيل وممّا لا يُمكِن لعقل سليم أن يصدّقه.
كما أُقيمت اليوم 16 جلسة حول مسائل متنوّعة: من سياسات الهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية في فلسطين إلى الرأسمالية والطبقية في المنطقة العربية، مروراً بالبيداغوجيا والعدالة المعرفية والممارسات الطقوسية المتعلّقة بالماء في الجزائر والمغرب وإيران.
وتجتمع الثيمات العديدة التي يناقشها المشاركون في المؤتمر في أربعو محاور أساسية، هي: إرث المعارف النقديّة، وتفكيك البنى المعرفية الاستعمارية، والذاكرات والثقافات الشعبية، ومواقع إنتاج الفكر.
ووقع خيار المنظّمين على "إنتاج المعرفة النقدية" كثيمة جامعة لهذه الدورة باعتبارها استمراراً لسعي "المجلس" إلى الإضاءة، في مؤتمراته، على حضور العلوم الاجتماعية خلال فترة الأزمات التي يعيشها العالَم العربي، وكذلك من أجل "استكشاف الأدوات المبتكَرة، الفكرية والمنهجيّة، التي تقتضي خطورة الأحداث في المنطقة العربية النظر فيها"، كما نقرأ في بيان المؤتمر، الذي يذكّر بأن المعرفة النقدية "تمثّل جزءاً لا يتجزّأ من التغيير المجتمعي واسع النطاق الذي يُعيد رسم ملامح المنطقة العربية ومجتمعاتها" منذ اندلاع ثورات الربيع العربي.