إلهام فرح.. المُعلّمة التي حرست الأمل الغزّاوي

17 نوفمبر 2023
إلهام فرح (1939 - 2023)
+ الخط -

"كنتَ تراها في كلّ حدثٍ فنّي، ثقافي أو اجتماعي في المدينة، ندوة هنا، مسرحية هناك. كانت الضيف الدائم على كلّ نشاط... لا أعرف كيف ستعود حياة المدينة، ولكنّ الأكيد أنّ غياب هذه المرأة، سينتقص من أيّ حدث ثقافي أو فنّي فيها. لقد فقدت المدينة أحد حُرّاسها المجهولين". بهذه الكلمات نعى، قبل أيام، أحد الشباب الغزاويّين مُعلّمة الموسيقى إلهام فرح ذات الأربعة والثمانين عاماً، والتي استهدفها قنّاص في جيش الاحتلال الصهيوني، وتُركت لتنزف حتى استشهدت صباح الاثنين الماضي.

وُلدت فرح في مدينة غزّة عام 1939، لعائلة مثقّفة، فوالدها الشاعر حنّا فرح (1906 - 1985). وفضلاً عن كونها من الجيل الأول الذي علّم مادّة الموسيقى في مدارس القطاع - ما أتاح لها تواصُلاً مباشراً مع أجيال فلسطينة مختلفة - عُرفَت أيضاً، كوجه ثقافي واجتماعي بارز. 

نجَت المعلّمة الفلسطينية من عدوان عام 2014، بعد تعرُّض الحيّ الذي كانت تسكُن فيه إلى قصف إسرائيلي. ولم تدفعها هذه الحادثة إلى التوقّف عن نشاطها ولا حتى المغادرة، ففي أحد التسجيلات المُصوّرة الأخيرة لها، تظهر وهي تعزف بكامل حيويتها على آلة الأورغ.

مساء الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تداول ناشطون تغريدة لابنة شقيقة فرح ناشدت فيها التدخّل لإسعاف خالتها، وكتبت: "خالتي المعلّمة إلهام فرح، أُصيبت برصاص الاحتلال، وهي في الشارع (بالقرب من "مستشفى الشفاء") جالسة على الأرض، حيث أصيبت في رجلها، تنتظر أحداً ليتمكّن من نقلها إلى سيارات الإسعاف".

في ذلك المساء، كانت السيّدة الثمانينية قد غادرت "كنيسة العائلة المقدّسة"، التي تحوّلت بعد العدوان إلى ملجأ لكثير من الناس، وتوجَّهت صوب بيتها في حيّ الرمال، لتتأكّد إذا ما كان يزال قائماً، وفي الطريق أُصيبت برصاصة قنّاص إسرائيلي في ساقها، حسب ما ذكرت عائلتها، ونظراً لمنع الاحتلال دخول سيارات الإسعاف إلى المنطقة، وكثافة القصف الهمجي، لم يتمكّن أهالي الحيّ من إنقاذ المُعلّمة التي استشهدت صباح الاثنين الماضي.

تفاعل طلّاب ومعارف إلهام فرح مع نبأ استشهادها، حيث كتبت نادين مدهون: "لا أعتقد أن أحدأً في غزّة لم يصادفها في الشارع، وابتسمت له وتبادلت معه أطراف الحديث حتى ولو بالنظرات"، كما كتبت إحدى المعلّقات: "كانت حصص الموسيقى التي أخذناها معكِ بـ'مدرسة القاهرة' من أحلى الحصص، ونحبّ لمّا تعزفيلنا ونغنّي 'بكتب اسمك يا بلادي'".

يُشار إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزّة، المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أوقع، حتى الآن، أكثر من 11 ألف شهيد، بينهم 4 آلاف طفل، و2500 امرأة. كما تجاوز شهداء القطاع الثقافي العشرين شهيداً، منهم: الكاتب الشاب يوسف دوّاس، والفنّان طارق ضبّان، والناشطة إيناس أبو سعيّد، والشاعرة هبة أبو ندى، والتشكيلي محمد سامي قريقع.

المساهمون