إغلاق المكتبات مع الحجر في تونس: حزمة صغيرة من الحلول

10 يوليو 2021
واجهة مكتبة في تونس العاصمة
+ الخط -

عادت تونس مؤخراً إلى إجراءات الحجر الصحّي الشامل في عدة مدن ومناطق مع ظهور موجة رابعة من فيروس كورونا. يعني ذلك توقّفاً جديداً للحياة الثقافية، ما أنتج حركة احتجاج جديدة ضد القرارات الحكومية. هذه المرة، ارتفع صوت أصحاب المكتبات، إذ أصدرت "نقابة المكتبيّين ومورّدي وموزّعي الكتاب" في تونس، أوّل من أمس الخميس، بياناً تعلن فيه عن رفض قرار إغلاق المكتبات.

تستند حجج هذا الرفض إلى نزعة شعاراتية، حيث ورد في البيان أن "الكتاب مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها حتى في حالات الحرب"، في حين أن الإشارة إلى قلّة ارتياد المكتبات يمثّل حجة أقوى، باعتبار أن الإبقاء على المكتبات مفتوحة لن يشكّل تهديداً على الوضع الصحّي العام في حال جرى تطبيق البروتوكولات الوقائية.

أيضاً لم ينس بيان النقابة أن يشير إلى تردي الأوضاع المادية والاجتماعية للمكتبات والمكتبيّين جراء فيروس كورونا المستجد، ومن هذا المنطلق قد يكون البيان أقرب إلى لفت انتباه لوزارة الثقافة كي ترتّب حزمة إجراءات لمساعدة قطاع المكتبات كما فعلت مع قطاعات أخرى مثل المسرح والإنتاج الدرامي والفنون التشكيلية.

لا تزال القطيعة بائنة بين شبكة المكتبات والعالم الافتراضي

يتضمّن البيان حججاً أخرى، بعضها طريف مثل تأكيد "ضرورة إتاحة الفرصة للعائلات التونسية لتوفير الكتاب خلال العطلة الصيفية بهدف التخفيف من الآثار السلبية للاستعمالات المتزايدة للهواتف الذكية وألعاب الفيديو". وضمن نفس الفكرة دعا البيان هياكل مثل "اتحاد الناشرين التونسيين" و"اتحاد الكتّاب" و"الجامعة التونسية للنشر" إلى "الانخراط في هذا المسعى من أجل معرفة أشمل تجعل من الكتاب آلية لثقافة مجتمعية تؤمن بالإنسان وبقدرته على الفعل".

وبعيداً عن مضمونه المباشر، فإن بيان "نقابة المكتبيّين ومورّدي وموزّعي الكتاب" يشير إلى الحزمة الصغيرة من الحلول التي تُعتمد عند كل إشكال في الحياة الثقافية، ولا يمرّ أحد إلى ما هو ابتكاري، وذلك هو بالضبط ما تحتاجه عملية توزيع الكتاب في تونس اليوم، فالقطيعة لا تزال بائنة بين شبكة المكتبات والعالم الافتراضي، ضمن رؤية تفيد بأن طرق الترويج الجديد عبر الإنترنت ستنهي دور المكتبات في الوقت الذي يمكن أن تحدث استفادة متبادلة.

لم يفت المشرفين على النقابة أن يشيروا - ربما من باب إحراج الحكومة - إلى أن "دولاً عديدة شجّعت شعوبها على القراءة، حيث تطوّرت مبيعات الكتاب لديها وارتفعت أرقام المعاملات خلال تنفيذها الحجر الصحي الشامل". وإذا كان هذا القول صائباً بشكل عام، إلّا أنه يخفي حقيقة مفادها أن مرور الأزمة الصحية بسلام على قطاع الكتاب في بلدان مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا لم تصنعه قرارات رسمية، وإنما منظومة شاملة تعمل بشكل ناجع تتضمّن ناشرين يعرفون جيداً ما ينبغي إصداره في هذا الظرف، وشريحة واسعة ممّن هم قرّاء طوال العام وليس بمناسبة الحجر الصحّي. بالتالي على من يراهن أصحاب المكتبات في تونس: هل يوجد قرّاء خاصّون بفترة الحجر الصحّي؟ يشبه هذا البيان ما فعله الصرّار في حكاية لافونتين الشهيرة.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون