في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والسياسية والنقدية والثقافية والاستشراق والرواية.
■ ■ ■
"المستشرقون ومصادر علم الكلام الإسلامي: بين التحقيق والنشر والترجمة" عنوان كتاب صدر حديثاً للباحث العراقي حيدر قاسم مطر التميمي عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات". يقدّم المؤلّف دراسةً مسْحية تلقي الضوء على الاهتمام الذي أبداه الاستشراق الغربي لهذا المجال المعرفي المهمّ من الثقافة العربية الإسلامية، وسرداً لتاريخ الطباعة باللغة العربية في القارّة العجوز، راعى فيه التسلسل الزمني، مع توقّفٍ لدى المحطّات الكبرى في تاريخ هذه الطباعة، وخصوصاً في الأدبيات التي تناولت علم الكلام ونشأته وتطوّره.
عن منشورات "فارابي" التركية، صدرت حديثاً الطبعة الثانية من كتاب "بين أشجار الزيتون: بورتريهات من الأدب الفلسطيني" للباحثة التركية المهتمّة بالثقافة الفلسطينية، بيرين بيرسايجيلي مُوت. ينقسم العمل إلى خمسة أقسام يتناول كلٌّ منها شخصيةً فلسطينية: غسّان كنفاني، ومحمود درويش، وناجي العلي، وفدوى طوقان، وسميح القاسم. في تقديمها للعمل، كتبت الروائية التركية جيهان أكتاش: "تأتي أهمّيّة هذا الكتاب من جعله القرّاء الأتراك يعيشون مع شخصيّاتٍ أدبية فلسطينية من لحمٍ ودم، بدلاً من معرفة أسمائهم فقط".
"لبنان والطائف: تقاطع تاريخي ومسار غير مكتمل"، عنوان كتاب للباحث والإعلامي اللبناني عارف العبد، صدر عن "مركز دراسات الوحدة العربية" في طبعة ثانية. يتابع الكتاب، عبر ستة فصول، جذور الأزمات التي عصفت بالبلد، ومعطياتها، منذ كان في ظلّ السلطنة العثمانية وكيفية تأسيس النظام اللبناني وفقاً للتوزيع الطائفي والمذهبي وصولاً إلى قيام لبنان الحديث وتجربة الميثاق الوطني في الجمهورية الأولى وما تعرّضت له من نكسات مهّدت إلى تسوية الطائف. كما يعرض للظروف السياسية والمشاريع التي رافقت التحضير للاتّفاق والوثائق.
صدر حديثاً كتاب "الدولة المتثاقلة، المجتمع المضطرب: مصر في العصر الحديث" للباحثِين ناثان براون وشيماء حطب وعمرو عدلي عن "منشورات جامعة كولومبيا". يركّز العمل على التطوّرات المفصلية في السياسة والمجتمع والاقتصاد المصري منذ منتصف القرن العشرين حتى اليوم، مناقشاً التغيّرات في الحكم الذي تبنّى الاشتراكية والسيطرة على أجهزة الدولة ثم تحوّل إلى نهج السوق الحرّة مع الانفتاح الاقتصادي الذي قاده السادات من دون أن ينتج عن ذلك نظام ديمقراطي، ومن دون أن تقوم السلطة بإعادة نظر في توجهاتها رغم التسييس المتزايد للمجتمع.
بترجمة تحسين الخطيب، صدر عن "مشروع كلمة" كتاب "معجزة كاستل دي سانغرو: حكاية شغف وطيش في قلب إيطاليا" للكاتب الأميركي جو ماكغينيس. يروي العمل حكاية بلدة إيطالية تقع في منطقة جبلية نائية تمكّن فريقُها لكرة القدم من حجز مكان ضمن أندية الدرجة الثانية من دوري المحترفين وتصدُّر عناوين الصحف الرياضية في إيطاليا. قرأ ماكغينيس عن هذه القصّة سنةَ 1996، وخاض رحلةً لاستكشاف البلدة وفريقها استمرّت عاماً كاملاً، وانتهت بكتابه الذي اختارته لجنة "جوائز وليم هِلْ" البريطانية كأفضل مؤلَّف عن كرة القدم عام 1999.
عن منشورات "سوتيبا غرافيك"، صدر مؤخّراً كتاب بعنوان "محمد الكراي: الماركسي الأخير" وهو عمل مشترك أنجزه كلّ من خالد البحري ومحمد بشير قلوز. يرسم العمل سيرة أستاذ الفلسفة محمد الكراي (1928 - 2000)، جامعياً وسياسياً، كما يجمع عدداً من دروسه التي ألقاها في ستينيات القرن الماضي، وعدداً من شروحه لمؤلّفات كارل ماركس، وهي التي منعت من التداول ضمن تضييقات السلطة في زمن بورقيبة على الفكر اليساري. يضيء الكتاب شخصيات كثيرة تقاطعت مع الكراي في النضال السياسي أو في مشروع توطين الفكر الفلسفي عربياً.
صدرت مؤخّراً ضمن سلسلة "آفاق عالمية" (الهيئة المصرية العامة للكتاب) النسخة العربية من كتاب "المسرح وقرينه" للكاتب والمنظّر المسرحي الفرنسي أنتونان أرتو بترجمة سامية أسعد. يعدّ العمل من أبرز ما كتبه أرتو وإليه يعود الباحثون لمعرفة فلسفته في المسرح والفن والحياة. كما جسّد كتاب "المسرح وقرينه" أفكار "مسرح القسوة" الذي نادى به أرتو ضدّ المسرح الترفيهي الذي يلعب دور مخدّر يُدَسّ للجمهور في الحكايات التي تقدّمها الأعمال المسرحية الغربية. ينادي أرتو في كتابه بإعادة خلق المسرح لأن في ذلك إعادة لخلق الحياة.
"التحوّل: الحياة بحسب لوكريس" عنوان عمل جديد للكاتب الفرنسي ميشيل أونفري صدر مؤخّراً عن منشورات "بوكان". ينطلق الكتاب من قصيدة للشاعر الروماني القديم لوكريس. يشير أونفري إلى أن هذا النصّ يتضمّن مفاتيح لفهم أزمة العالم المعاصر في علاقة الإنسان بالطبيعة وعلاقته بنفسه، وما هي المبادئ التي ينبغي عليه أن يتّبعها كي يحقّق لنفسه السعادة. يضيء أونفري أيضاً عبر هذا العمل أهمّية الأدب الروماني جمالياً وفكرياً، مؤكّداً أنه أدب ظُلم مقارنة بالأدب اليوناني، وأنه يمثّل "موسوعة عن الوجود" ينبغي ألا تضيع.
عن دار "الكتب خان"، صدرت مؤخّراً "قلب مالح"، أوّل روايات الصحافية المصرية رشا عزب، التي قدّمت العديد من الأعمال الوثائقية كباحثة وكاتبة سيناريو، أبرزها: "يوم أكلت السمكة" و"خد عينيا"، كما أشرفت على كتابين هما: "مسرح الهواة" و"سينما كايرو". عبر لوحات سردية متفرّقة ترصد الرواية ما حدث لمجموعة أشخاص شاركوا في أحداث ثورة 25 يناير، حيث يتفرّقون بين أحياء القاهرة والإسكندرية وإيطاليا. نقرأ من كلمة الناشر: "رواية عن جيل كامل، جيل ثورة 25 يناير 2011، بقدر ما تحمل من أسى، لكنها أيضاً تنتصر للمقاومة والأمل".
عن "دار الكتاب الجديد"، صدرت مؤخّراً الطبعة الثانية من كتاب "الذاكرة، التاريخ، النسيان" للفيلسوف الفرنسي بول ريكور بترجمة وتعليق جورج زيناتي. يعدّ العمل واحداً من أبرز اشتغالات ريكور في فلسفة التاريخ، حيث يرى أن الكتابة عن التاريخ تبدو أقرب إلى الأدب منها إلى العلم. ذلك اختيار القرائن وزوايا النظر خاضع لنفس معايير الكتابة الأدبية، من حيث خضوعه لعناصر الحبكة والبنية ذاتها التي نجدها في الروايات. يُشير ريكور كذلك إلى أن المناسبات التي تحييها الأمم وتمجّدها تقوم على اختيارات كالتي تحكم كتابة التاريخ.
عن منشورات "أفكار"، صدر حديثاً كتاب "التسامي في الشعر العربي" للباحث الجزائري عبد القادر فيدوح (1948) وفيه يقدّم ظاهرة قلّما التفت لها الدارسون في الثقافة العربية. من مؤلّفات فيدوح الأخرى: "التأويل ومدارج معنى الشعر"، و"نظرية التأويل في الفلسفة العربية الإسلامية"، و"معارج المعنى في الشعر العربي الحديث"، و"الاتّجاه النفسي في نقد الشعر العربي"، و"القيَم الفكرية والجمالية في شعر طرفة بن العبد"، و"أيقونة الحرف وتأويل العبارة الصوفية في شعر أديب كمال الدين"، و"تأويل المتخيل: السرد والأنساق الثقافية".
عن "دار الآداب" في بيروت، صدرت النسخة العربية من رواية "صبيّتان لا تفترقان" لسيمون دو بوفوار بترجمة محمد آيت حنا. تضيء المنظّرة الفرنسية (1908 - 1986) في كتابها جانباً من سيرتها الذاتية من خلال تناول تجربة صداقة فريدة بين فتاتيْن متمرّدتيْن تنتهي نهاية مأسوية، لكن فصولها تستكشف حدود الجسد والثقافة والإيمان والوجود وتمثّلاتها الفلسفية في إطار سرديّ تخييلي تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى وصولاً إلى عشرينيات القرن الماضي. لم تُنشر هذه الرواية إلّا بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على رحيل دو بوفوار.