في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات النقدية والفلسفية والرواية والقصة القصيرة وعلم النفس والمذكرات.
■ ■ ■
صدر مؤخراً الجزء الأول من كتاب "تاريخٌ للفلسفة: التشكّل الغربي للاعتقاد والمعرفة" للمفكر الألماني يورغن هابرماس في نسخته الفرنسية عن "غاليمار". العمل كان قد صدر أوّل مرّة باللغة الألمانية نهاية عام 2019 في مجلّدين، وقد مثّل وقتها مفاجأة؛ إذ إنّ هابرماس (1929) كان قد توقّف عن نشر الأعمال التأليفية منذ سنوات ليتبيّن أن هذا التوقّف مردّه الاشتغال على مشروع فلسفي ضخم يعيد فيه تركيب تاريخ الفلسفة من منظور العلوم الاجتماعية ونظريات التواصل والفكر اللغوي، وهي مجالات كانت له إسهامات كبيرة فيها على مدى عقود.
عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدر حديثاً كتاب "الملك فيصل الأول 1883 - 1933: أدواره التاريخية ومشروعاته النهضوية" للباحث العراقي سيّار الجميل، وفيه محاولة لتقييم الدور الذي لعبه قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، مضيئاً على مشروعه لتأسيس دولة عربية، والذي ظلّ موضع خلاف بين من يرى فيه خياراً سليماً ومن يعتبر أنه ساعد على إسقاط الدولة العثمانية وإنشاء الكيان الصهيوني. الكتاب، بحسب مؤلّفه، "قراءة تاريخية متوازنة لموضوع فيصل الأول، لا لذاته وتمجيد عرشه، بل لقراءة تاريخه، ومعرفة مواقفه، وفهم مشروعاته".
"حارس الحكايات" عنوان كتاب صدر حديثاً عن "دار الأهلية" بتحرير وإشراف عيسى برهومة وعامر أبو محارب. يضمّ العمل شهادات ودراسات حول منجز الناقد فيصل درّاج (1943) بأقلام كتّاب وباحثين عرب، منهم فهمي جدعان، وإبراهيم السعافين، والمنصف الوهايبي، وهدى بركات. من مقالات الكتاب: "تماثُل التاريخانية الجديدة والنقد الثقافي" لعبد القادر فيدوح، و"الخطاب والخطاب الآخر" لرامي أبو شهاب، و"صورة المثقّف" لمحمد عبيد الله، و"ما قبل الدولة، ما بعد الحداثة" لشيرين أبو النجا، و"حين يكون الباحث لسان المقهورين" لعماد عبد اللطيف.
ضمن سلسلة "مكتبة دريدا" التي تُصدرها منشورات "سوي" الفرنسية، والتي تقوم على طباعة آثار الفيلسوف الفرنسي التي لم يسبق أن نُشرت في كتب، ولا سيّما دروسه ومحاضراته، صدر حديثاً الجزء الأوّل من كتاب "الضيافة"، وهو عمل يتألّف من المحاضرات التي ألقاها جاك دريدا خلال سيمناره للعام الدراسي 1995 ـ 1996 في "مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية" بباريس. يتوقّف الفيلسوف، في محاضراته هذه، عند واحدة من أبرز المسائل الأخلاقية التي شغلت القسم الأخير من كتاباته: سؤال الغريب، والعلاقة التي يمكن بناؤها معه.
بترجمة رندة بعث، صدرت حديثاً النسخة العربية من رواية "الحياة الآثمة" للكاتبة الغوادلوبية ماريز كونديه (1937) عن منشورات "سرد". نقرأ ضمن تقديم الناشر: "روايةٌ تفيض بالحكايات المتشابكة، وتعجّ بالتفاصيل التي تقدّم شهادة مهمّة عن حياة عائلات الطبقة الوسطى في منطقة الكاريبي، كتبتها كونديه التي حازت جائزة نوبل البديلة لعام 2018، بعذوبةٍ ودفءٍ مستندةً على تاريخ عائلتها ذاتها". تتوزّع مؤلّفات كونديه بين الرواية والنقد والمسرح، ومنها: "هوغو الرهيب"، و"كوميديا الحب"، و"مثل أخوين"، "حكاية مؤلمة"، و"كلمة النساء".
صدر حديثاً، عن "دار رياض الريّس"، كتاب "الإعلام والحرب في بيئة أمنية متغيّرة: توازنات استراتيجية وفاعلون جدد" للباحث اليمني عبد الناصر العبري. منطلقاً من التجربة العسكرية البريطانية في إدارة الدولة للقطاع الإعلامي والمعلوماتي، يتناول العمل دور وسائل الإعلام أثناء الحروب، مضيئاً على العلاقة بين بيئات الصراع المسلَّح وبين التطوّر الهائل في الاتصال والإعلام الحربي، وتأثير العقائد العسكرية واستراتيجيات الأمن الوطني في تنظيم العلاقات العسكرية الإعلامية ومن يتحكّم في تدفُّق الأخبار في الصراعات المسلّحة.
عن "منشورات جامعة ييل" الأميركية، صدرت حديثاً نسخة إنكليزية جديدة من ملحمة "جلجامش"، بتوقيع الباحثة سوفوس هيله، التي ترجمت العمل الشهير مباشرةً من اللغة الأكدية. وكما هو معروف، تروي الملحمة، التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، قصّة الملك جلجامش بُعيد رحيل صديقه إنكيدو، ولا سيّما بحثه عن عشبة الخلود سعياً للهرب من مصيرٍ مشابه. وقد حاولت المترجمة، التي تعمل في "جامعة برلين الحرّة"، احترام النصّ الأصليّ وحرفيّته، محاولةً توليد بُعده الشعريّ وإيقاعه في ترجمتها التي أرفقتها بخمس دراسات حول الملحمة.
"صوفيا، أو بداية كلّ الحكايات" هو عنوان آخر رواية تصدر بالعربية، هذه الأيام، للكاتب السوري المقيم في ألمانيا رفيق شامي، وقد وقّع ترجمتها، لدى "دار الجمل"، خالد الجبيلي. ظهر العمل بالألمانية عام 2015، وهو يروي حكاية جيلَيْن من السوريين ومن تاريخ سورية، عبر شخصيّتَيْ صوفيا، وابنها سلمان. وفي حال كانت حكاية صوفيا ترتبط بقصّة حب قديمة تجمعها بكريم، المتورّط بجريمة قتل أنقذته صوفيا من عواقبها، فإنّ قصّة سلمان تتعلّق بالمصاعب التي يواجهها عند عودته إلى سورية، بعد أكثر من أربعين عاماً قضاها في روما.
ضمن سلسلة "نديم الترجمة"، صدر حديثاً كتاب "عالِم في الظلّ: مقالات في الفكر الفقهي والعقدي لابن قيم الجوزية" للباحثين كاترينا بوري وليفانت هولتزمان، وقد نقله إلى العربية الباحث عمرو بسيوني، ويصدر في طبعة مشتركة بين دارَي "الروافد الثقافية" و"ابن النديم للنشر". يغطي الكتاب جوانب من سيرة ابن القيم الجوزية ويضيء ملامح عصره؛ القرن الثامن هجري، وخصوصاً علاقته بشيخه ابن تيمية، كما يحفر في تبيين المنهجيات العلمية التي كان الفقيه الإسلامي يعتمدها في استنباط الأحكام وتجديد المذهب الحنبلي الذي كان ينتمي إليه.
عن "المركز الثقافي العربي"، صدرت مؤخراً رواية "حلمٌ تركيّ" للكاتبة المغربية كريمة أحداد. يتناول العمل صورة تركيا في الذهنية العربية اليوم وقد تحوّلت إلى حلم لدى البعض من خلال الصورة التخييلية التي خلقتها المسلسلات التركية بمشاهدها الإبهارية أو من خلال الترويج لمنتوجها السياحي، فضلاً عن فرص العمل، والموقع الرمزي لتركيا في خريطة العالم الإسلامي باعتبارها آخر عواصم الخلافة. هذه العناصر تحضر في رحلة للشخصيّتين الرئيسيّتين في الرواية، إيمان وخالد، اللذين غادرا المغرب حالمَين ببدايةٍ جديدة تُنقِذ طموحات العمل والحب.