في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والاجتماعية وسوسيولوجيا الأديان والفنون التشكيلية والنقد الأدبي والرواية.
■ ■ ■
ضمن سلسلة "ترجمان" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، صدر مؤخراً كتاب "كيف نكتب التاريخ" للمفكّر الفرنسي بول فاين، بترجمة سعود المولى ويوسف عاصي. صدر العمل أوّل مرة في 1971، وهو يندرج ضمن محاولة مراجعة قواعد الكتابة ضمن علم التاريخ، ضمن تقليد ظهر في فرنسا منتصف القرن الماضي وساهم فيه فلاسفة ومؤرخون وعلماء اجتماع، وهو ما يجعل كتاب فاين أقرب إلى إبستيمولوجيا (نقد العلوم فلسفياً) مطبّقة على التاريخ، وبذلك فهو يضرب اليقينيات العلموية الشائعة ويأخذ مسافة من التيارات الكبرى للقرن العشرين مثل الماركسية والبنيوية.
صدر مؤخراً "معجم مصطلحات الفنون البصرية" للأكاديمي التونسي سامي بن عامر عن منشورات "المقدّمة". يُبرز العمل في 130 مدخلاً معجمياً أهم المفاهيم التي تقارب بها الفنون التشكيلية من زوايا بحثية ونقدية. نقرأ في كلمة الناشر أن الكتاب يحاول أن "يؤسس لثقافة بصرية متينة ليختزل تجربة حياة، فهو حصاد ثلاثة عقود ممّا أنجزه ووثّقه مؤلّفه في مسيرته الجامعيّة من دروس وبحوث ومقالات علمية"، وهو عمل طوّر فيه بن عامر انشغاله بقضايا المصطلح الفنّي وظهرت في كتابه الأول "الفنون الجميلة: الاصطلاح وموقعه من الفكر الحديث" (2001).
"الأثر بورديو" عنوان عمل صدر مؤخراً عن منشورات "سي إس" وهو عمل مشترك أنجزه رافائيل ديسانتي وهنري دي مونفالييه. يدرس الكتاب تلقيّ عالم الاجتماع الفرنسي (1930 - 2002) في الأجيال اللاحقة له، ويقف عند أسباب تحوّله إلى مرجعية أساسية ليس فقط ضمن تخصصه المعرفي في علم الاجتماع، بل أيضاً في حقول أخرى مثل الدراسات الأدبية والعلوم السياسية والنقد الفنّي. يقوم العمل على بناء فريد فهو يبدو كمجموعة حوارات يقيمها باحثون مع بيير بورديو، ومن هؤلاء لوك بولتانسكي وبرنار لاهير وناتالي هاينيك، ومن خلالهم تجري ملامسة معظم القضايا التي تناولها بورديو.
ضمن منشورات "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، صدر مؤخراً كتاب "الرمز والوعي الجمعي: دراسات في سوسيولوجيا الأديان" للباحث المصري أشرف منصور (1972). يندرج هذا العمل ضمن اهتمام بحثي يقارب فيه المؤلف قضايا مترابطة تتحرّك ضمن مجموعة من الحقول المعرفية مثل الفلسفة الإسلامية والتاريخ السياسي وعلم الاجتماع ودراسة الفكر الديني. من مؤلفات منصور الأخرى: "الليبرالية الجديدة - جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية"، و"نظرية المعرفة بين كانط وهوسرل"، و"العقل والوحي: منهج التأويل بين ابن رشد وموسى بن ميمون وسبينوزا".
صدر كتاب "حروب الكتب: الثورة الرقمية في النشر" لأستاذ علم الاجتماع جون ثومبسون عن "منشورات بوليتي"، والذي يقدّم مشهد الاضطراب التكنولوجي في واحدة من أبرز الصناعات الإبداعية بعد استقرار دام خمسمئة عام، حيث تسود حالة من الفوضى مع الإمكانيات المتطورة في نقل المحتوى الإلكتروني والتلاعب به، ودخول لاعبين جدد بمنتجات وخدمات لم تكن موجودة سابقاً، حيث باتوا يمتلكون نفوذاً واسعاً مع تغير وسائل الاتصال، ما ولّد صراعات لا يزال يخوضها الناشرون التقليديون ضدّهم، والتي ستأخذ وقتاً طويلاً قبل تبلور خريطة النشر الرقمي في العالم.
"إسرائيل دولةٌ بلا هوية" عنوان الكتاب الصادر حديثاً للباحثَين عقل صلاح وكميل أبو حنيش عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، وفيه يُفنّدان الروايةَ التي دأبت "إسرائيل" منذ تأسيسها استعمارياً على أرض فلسطين عام 1948 على ترويجها من خلال نشر مجموعة من السرديات المزيَّفة التي تُحاول من خلالها تبرير شرعيتها كدولة. يُبرز الباحثان أنّ محاولة الاحتلال تسويق نفسه كدولة ديمقراطية يتنافى مع المشروع الصهيوني ومع سياسات التهويد، وأنّ مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" تنفيها الحقائق التاريخية التي لم يستطع الاحتلال محوها طيلة سبعين سنة.
تحت عنوان "خطاب المرأة النقدي: دراسة في المتكلّم والوظيفة" صدر كتابٌ جديد للباحثة العراقية ولاء إسماعيل عن "دار شهريار". يبحث العملُ في مفهوم "المتكلِّم"، الذي تعتبر أنَّ هويته هي ما يُحدِّد بناء الخطاب وفاعليته، مشيرةً إلى أنَّ هذا الانشغال ينبغي أن يتوجَّه إلى تحليل الخطاب عبر مجموعة من الحقول المعرفية والمقاربات؛ مثل التحليل اللساني الخالص كما في التداولية وعلم اللغة الاجتماعي، أو التحليل النقدي للخطاب كما في أعمال ميشيل فوكو ونورمان فيركلف وفون دايك، أو التحليل الحجاجي كما في أعمال بيرلمان وديكرو وروث آموسي.
"ليلة في آيا صوفيا" عنوان النسخة العربية من رواية الكاتبة التركية رانا ديميريز التي صدرت عن "ثقافة للنشر والتوزيع" بترجمة سهيل السراج. تدور أحداث العمل حول اكتشاف عاملين في خزانة ضريح السلطان العثماني في "متحف آيا صوفيا" بإسطنبول مخطوطة يونانية تعود إلى ستمئة عام وتتضمّن أسراراً حول المتحف الذي لم ينفكّ الجدل حوله طوال القرون الماضية بسبب رمزيته السياسية والدينية والثقافية، حيث تتناول المخطوطة تاريخ الصراع حوله، وصعود الدولة العثمانية في لحظة ضعف الإمبراطورية البيزنطية، وتداعياته التي لا تزال حاضرة إلى اليوم.
عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" صدر حديثاً كتاب "الإسلام والسلطوية والتأخُّر: مقارنة عالمية وتاريخية" للباحث الأميركي التركي أحمد ت. كورو بترجمة حبيبة حسن. يتناول العملُ أسباب تخلّف غالبية البلدان الإسلامية سياسياً واقتصادياً، وارتفاع الاستبداد وانخفاض مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية فيها، على الرغم من تفوُّق المسلمين بين القرنَين التاسع والحادي عشر. يناقش المؤلِّف تفسيرَين ذائعَين أوَّلُهما يربط هذا الوضع بالإسلام، والثاني بالاستعمار، ليُقدِّم تفسيره الخاصّ المتمثّل في "ضعف المجتمع في مقابل السلطة".
في كتابها "البناء الفني في الرواية السورية من 2011 – 2020، دراسة نقدية" الذي صدر حديثاً عن "دار أمواج"، تحلّل الباحثة جمانة صوان، ثيمات عديدة تهيمن على السرد الروائي في حقبة حرجة من تاريخ سورية، مثل الوطن والمنفى والسجن والحرية والهوية وتشظّياتها، والتحوّلات المصاحبة في استخدامات اللغة ودلالاتها في التعامل مع الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، من خلال نماذج لعددٍ من الروائيين منهم حيدر حيدر، وحليم بركات، ونبيل سليمان، وخالد خليفة، وديمة ونوس، وسمر يزبك، وخليل صويلح، وروزا ياسين، ومها حسن، وآخرون.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
