في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الاجتماعية والتاريخية والسياسية والفكرية والتصوّف والرواية والتراث المعماري.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخراً كتاب "معجم العلوم الاجتماعية" الذي أشرف عليه كريغ كالاهون، ونقله إلى العربية معين رومية، ضمن سلسلة "ترجمان". يتضمّن أكثر من 1700 مدخل، تمثّل تعريفات موجزة وواضحة وشاملة لمصطلحات مهمّة تعود إلى تخصّصات مختلفة في حقول المعرفة الاجتماعية. تتناول المداخل، الثقافة والحقول المعرفية المعاصرة، وتشمل المصطلحات والمفاهيم والنظريات والمدارس الفكرية والمنهجيات والتقنيات والموضوعات الأساسية. كما يتضمّن المعجم نحو 275 سيرة ذاتية موجزة لأبرز المساهمين في العلوم الاجتماعية.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، صدر مؤخراً كتاب "المعارضة السياسية الأردنية في مئة عام 1921-2021" للمؤرخ علي محافظة. يقول المؤلف في تذييل كتابه: ومع أن تاريخ هذه المعارضة السياسية قد مضى وفات، غير أنه جزء مهم من تاريخنا الوطني الذي لا بد من قراءته بروح موضوعية وبنزعة عقلانية وتوجّه نقدي، حتى ندرك كيف تطورت الحياة السياسية في هذا الوطن الملاصق لفلسطين، والذي يتعرّض وجوده للخطر الصهيوني الاستعماري أكثر من أي قطر عربي آخر، على الرغم من إبرام معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1994".
بترجمة محمد شوقي الزين، صدر مؤخراً كتاب "الثقافة بالجمع" للمفكّر الفرنسي ميشيل دي سارتو (1925 - 1986)، في طبعة مشتركة بين "منشورات ابن النديم" و"دار الروافد". يتضمّن الكتاب ثلاث أقسام هي: "غرائبيات وقطيعات في اللغة"، و"سياسات ثقافية"، و"هامشيات جديدة"، ومن أبرز المواضيع التي يتناول التقسيم الاجتماعي للمعرفة، وقضايا العنف في الثقافة الحديثة، والنزعة المضادة للتتفيه، والطغيان البيروقراطي، وميكانيزمات الإنتاج الثقافي. يذكر أن بعض نصوص الكتاب قد كتب بالاشتراك مع باحثين آخرين، مثل دومينيك جوليا وجاك روفيل.
عن "دار الرافدين"، صدرت حديثاً رواية جديدة للروائي والمترجم العراقي فلاح رحيم (1956) بعنوان "الشرّ الأخير في الصندوق"، وفيها يُواصل الاشتغال على تاريخ العراق الحديث والمعاصر؛ حيث تدور الأحداث في بغداد بعد ثلاث سنوات من بداية الحرب العراقية الإيرانية، وتحديداً عام 1983. تتتبّعُ الرواية مجريات الحربِ مِن الصفوف الأمامية إلى بيوت بغداد ومقاهيها وشوارعها، راصدةً محاولةَ الناس التعايُش معها. مِن إصدارات رحيم الروائية الأخرى: "القنافذ في يوم ساخن" (2012)، و"حبّات الرمل.. حبّات المطر" (2017)، و"صوت الطبول مِن بعيد" (2020).
صدر كتاب "نابليون: حياة تُروى في الحدائق والظلال" للمؤرخة البريطانية روث سكَر عن "منشورات لايف رايت". تستعرض المؤلّفة الحياة الشخصية للقائد الفرنسي (1769-1821) من خلال العودة إلى أيام شبابه الأولى، حيث طغت عليه نزعة رومانسية وتشكّلت صلته الحقيقية بالحياة من خلال الزراعة وتربية الحيوانات التي عاد إليها في منفاه بجزيرة إلبا الأطلنطية، حيث زرعت فيه خصائص التركيز، التنظيم والتناسق في عمله (استفاد منها في تنظيم حملاته ومعاركه العسكرية) واهتماماً كبيراً بتقلبات المناخ، وحياة النبات التي لم ير البشر خارجها.
تحت عنوان "ثورة في الرؤوس: في الماركسية والاشتراكية واليسار"، صدر حديثاً كتابٌ للباحث المغربي عبد الإله بلقزيز عن "المركز الثقافي العربي". يعود العمل إلى الاشتراكية والماركسية واليسار، في محاولةٍ لإنعاش السؤال عنها، بعد أن غيّبه الإعراض، كما نقرأ في المقدّمة. يعتبر المؤلّف أنّ الهدف من إعادة إثارة السؤال هو التفكير مجدَّداً، بعقل تاريخي منصف ونقدي، في منظومةٍ من الفكر والعمل والتجارب التي كان لها أثر كبير في التاريخ المعاصر، محاججاً بأنّ الماركسية والاشتراكية ليستا شيئاً مِن الماضي، وأنّ ليس كلّ اليسار جعجعة بلا طحين.
عن منشورات "فرين"، صدر مؤخراً كتاب "المبدأ: تاريخ ميتافيزيقي" للباحث الفرنسي لوران كورناري. يراجع العمل الفكر الأخلاقي من منظور المبادئ التي أخذها المفكرون بعين الاعتبار، منذ أفلاطون في العصور اليونانية القديمة إلى أعمال سبينوزا وكانط في العصور الحديثة. ويرى المؤلف أن الاشتغال على فكرة المبادئ في الفلسفة منع الفلاسفة من التفكير في المبدأ كمفهوم مستقل بذاته، ولذلك لن نجد ما يمكن تسميته بـ"فلسفة للمبدأ". ومن هنا يقدّم كورناري في هذا الكتاب محاولة لمثل هذا المشروع مع التأريخ لاستعمالات مفهوم المبدأ في الثقافة الغربية.
عن "المركز الثقافي العربي"، صدر حديثا كتاب "الصوفية والسياسة" للباحث محمد بن العربي الشرقاوي، الذي يعود فيه إلى نشأة زوايا التصوّف وتطوّر وظيفتها التي تجاوزت طبيعتها الدينية، حيث بدأت تلعب أدواراً اجتماعية واقتصادية تركت أثرها في التاريخ السياسي الإسلامي، من خلال شخصيات معينة شكّلت تياراً يرى ضرورة في تأطير الأفراد والجماعات وتنظيمها وتفاعلها مع الشأن العام، مع اختلاف تعاملها مع السياسة الذي كان يحدث بشكل مباشر أحياناً، وعلى نحو مضمر أحياناً أخرى، كما يحلّل المؤلف العرفان الصوفي من خلال تفسيرات أنثروبولوجية ولغوية.
"ألوان المدينة: الخزف والمعمار في تونس" عنوان كتاب جماعي صدر باللغة الفرنسية مؤخراً عن "مركز المنشورات الجامعية" في تونس. أشرف على تحرير مقالات الكتاب الباحث أحمد السعداوي، وتتمحور هذه المقالات حول عناصر من التراث المعماري لتونس العاصمة، مثل تزيينات القلل وتحوّلات أشكالها من المؤثرات الأندلسية إلى التركية، وصناعة الخزف ودورها في المؤسسات الاجتماعية مثل الزوايا. كما يدرس الباحثون المشاركون معالم مثل "مركّب الحلفاوين" و"دار حسين"، مبرزين تنوّع مصادر الزخرفة وعلاقتها بالأدوار الاجتماعية لهذه المباني.
"كيف يؤثر الأدب في الدماغ.. علم أعصاب القراءة والفن" عنوان النسخة العربية من كتاب أستاذ اللغة بول ب. أرمسرتونغ التي صدرت عن "دار الأدب العربي" بترجمة عبد الله الوصالي. يتناول الكتاب انعكاس الكتابة الإبداعية على التوترات الأساسية في عمل الدماغ بين أنماط التفكير الثابتة والانفتاح على تغييرها، وكذلك فهم قدرة القرّاء على إيجاد معان غير قابلة للقياس في النص أو بانزياحات الفن عن الواقع، وهي تشكّل مكمن العلاقة بين الإحساس والوعي، سواء في عملية الكتابة أو في التلقّي، حيث يرتبط الأدب بتراكم المعرفة الحسّية والنظرية.
ضمن منشورات "جامعة سيراكيوز" في نيويورك، صدرت مؤخراً النسخة العربية من رواية "هوت ماروك" للكاتب المغربي عدنان ياسين، بترجمة المستعرب الأميركي أليكس ألينسون. يقدّم العمل إضاءة على الواقع الاجتماعي لمدينة مراكش في بداية القرن الحالي، مع التحوّلات التي رافقت دخول الإنترنت إلى الحياة اليومية للناس، لترصد الرواية بالخصوص مجال الصحافة الإلكترونية، من خلال جريدة تحمل اسم "هوت ماروك"، توحي بانفتاح في الحياة السياسية، في حين أنها تمثّل أداة جديدة للهيمنة. يحمل العمل أيضاً بعداً ساخراً عبر ربط الشخصيات بصفات حيوانية.
بترجمة إسكندر حمدان، صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال" كتاب "رسالة إلى شاعر شاب" ومقالات أخرى للكاتبة الإنكليزية فرجينيا وولف (1882- 1941). يتألّف العمل من مجموعة مقالات تطرح فيها المؤلّفة عدداً من الأسئلة وتُحاول تقديم إجابات عنها، وهي أسئلة تتعلّق بقضايا مثل إشكالات الكتابة والسرد، والشعر والنثر، والكاتب والقارئ، والتقليد والتجريب، وحاضر السرد ومستقبله. من الأسئلة التي تطرحها وولف: هل مات الشعر؟ وهل فعلاً يغار الكتّاب من الشعراء عند قولهم: "نحن سادةُ اللّغة، ليس بإمكان أحدٍ أن يُعلّمنا. نقول ما نريدُ قولَه ونعنيه".