في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات السياسية والفلسفية والتاريخ الثقافي والشعر والرواية والنقد الأدبي.
■ ■ ■
في "يوم الحساب"، الصادرة عن "دار رياض الريس" يواصل الروائي السوري فوّاز حدّاد مشروعه في كتابة تاريخ بلده المعاصر وراهن مأساته. نقرأ في بيان صدور الرواية: "لن تذهب الرواية إلى النهايات، إنها عالقة في زمن صعب. ولن نتنبأ في عالم تغيب عنه العدالة، وبلد هو ساحة قتل وقتال، ونظام موبوء بالفساد حتى العظم... رواية عن توثيق الألم، تغوص في مجاهل النظام الشمولي وتخترق خطوطه الخلفية. رواية عن هذا الزمان، لا تنزاح عنه، وجهاً لوجه، لا يغيب الله عن السماء المدلهمّة، ولا عن الأرض الدامية، حيث تتساوى المقابر، مثلما تتساوى الضحايا".
ضمن سلسلة "ترجمان" التي يُصدرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً الكتاب الجماعي "المراقبة وحفظ الأمن على الصعيد العالمي: الحدود والأمن والهوية" وقد نقله إلى العربية المترجم السوري عماد شيحة. يضمّ الكتاب 14 دراسة حرّرها إيليا زريق ومارك ب. سالتر تتناول حفظ أمن الحدود المادية والافتراضية ومراقبتها في زمن تتزايد فيه التهديدات المتخيّلة. من فصول الكتاب: "القضايا المفهومية في دراسة الحدود والمراقبة"، و"توسيع نطاق المراقبة"، و"تهديداتٌ محتملة ومجرمون محتملون"، و"تسييج الخط الفاصل".
"العاصفة والزفير" عنوان كتاب جديد للمؤرّخ الفرنسي آلان كوربان صدر عن منشورات "فايار". يتناول العمل تاريخ تناوُل الريح ثقافياً ضمن تعبيرات شعرية أو أسطورية، حيث يظهر كيف قارب الناس الريحَ كظاهرة طبيعية وكيف جرى توظيفها في السرديات المختلفة كعامل صانع للأحداث أو مفسّر لها. يعتبر كوربان أن وظيفة الريح في المخيال البشري قد تغيّرت بتطوّر المعرفة العلمية بالظاهرة الطبيعية. يأتي هذا العمل قريباً من مجموعة مؤلّفات أخرى لكوربان تناول فيها تاريخ العشب والزمن والمتع والأحاسيس البشرية وبالبناء الجماعي للذاكرة.
"ولكنّ قلبي: متنبّي الألفيّة الثالثة" عنوان آخر عمل يصدر للكاتب والشاعر المصري يوسف رخا، لدى "دار التنوير" في القاهرة. يمثّل الكتاب، الذي يصدر هذه الأيام، وصفاً لـ"العلاقة الآثمة" التي تجمع الشاعر المصري بالمتنبّي. حيث يعود المؤلّف إلى ديوان الشاعر العربي القديم ليحاكي بعضاً من قصائده وأبياته بقصائد نثرية تستلهم مواضيعه وتشكّل ردّة فعل شعرية عليها، بحيث يصبح النصّ الجديد جواباً موسيقياً لقرار نادى به المتنبّي قبل قرون. تلي قصائد رخا خاتمة يشرح فيها تفاصيل علاقته بصاحب "على قلقٍ كأنّ الريح تحتي".
بتعريب باسل بديع الزين، صدر حديثاً عن "دار الرافدين" كتاب "دروس سيكولوجيّة مِن الحرب الأوروبية (1915)" للمؤرِّخ الفرنسي غوستاف لوبون، والذي تناول فيه جوانب غير متداوَلة كثيراً من الحرب الكونية بالاعتماد على وثائق ومستندات رسمية، مُتجاوزاً السرد التاريخي للأحداث إلى محاولة الحفر في العناصر النفسية التي رسمت ملامحها وحدّدت مساراتها، وموضّحاً أثرها في تحديد لحظة اندلاع الحرب وتوقُّع نتائجها. يُعرَف لوبون عند القارئ العربي بأعماله التي ترجمها عادل زعيتر؛ وأبرزها: "حضارة العرب" و"سيكولوجية الجماهير".
"شعرية أدونيس وإيف بونفوا: الشعر بوصفه ممارسةً روحيّة" عنوانُ كتابٍ للمترجم والكاتب المصري الأميركي كريم جيمس أبو زيد، يصدر هذه الأيام لدى منشورات "لوك وود برس" الأميركية. في أربعة فصول تسبقها مقدّمة وتليها خاتمة، يدرس أبو زيد أعمال اثنين من الأسماء الأساسية في الشعر المعاصر باللغتين العربية والفرنسية، متوقّفاً عند "لحظات مفصلية" في تجربتيهما. ويسعى المؤلّف إلى إظهار الكيفية التي يتعامل بها كلّ من الشاعرين، على طريقته، مع القصيدة بوصفها مكاناً لإعادة صياغة العلاقة بين العالمَين الخارجي والداخلي.
"الشعر البولندي في خمسة قرون: من كوهانوفسكي حتى 2020" عنوان كتاب صدر حديثاً عن "دار المدى" بترجمة وتقديم هاتف جنابي، يُحاول فيه رسم صورة بانورامية عن الشعر البولندي خلال خمسة قرون، من خلال إضاءة تجارب قرابة ستّين شاعراً وشاعرة من هذا البلد. يعترف المؤلِّف، في المقدّمة، أنّ هذه المهمّة معقّدة ومحفوفة بالمخاطر؛ إذ لا يمكن التصدّي لها بصفحات محدودة، مضيفاً أنّ العمل حاول "تقديم صورة مكثّفة وواضحة وناجعة عن شعر شعب مرّ بأحداث جسام ومآسٍ وتقسيم، من دون الخوض في التفاصيل والابتسار والتعمية".
عن منشورات "لا ديكوفرت" في باريس، صدر حديثاً كتاب "أجساد سوداء وأطبّاء بيض" للباحثة دلفين بايريتي كورتي. ترى المؤلّفة أن الأحكام المسبقة والعنصرية التي يعاني منها الرجال والنساء السود، في أيامنا، تجد جذوراً لها في رفع بعض الأحكام المسبقة والعنصرية حول ذوي البشرة السوداء إلى مقام "الحقيقة" العلمية، مثل "الصلابة الجسدية"، و"غلبة العواطف" أو "فرط النشاط الجنسي". تعيد الباحثة قراءة أعمال طبّية نُشرت بين نهاية القرن 18 ومنتصف القرن 20، بغرض تفكيك أطروحاتها وتوضيح انتقالها إلى حُكم مسبق لا أساس له.
ضمن سلسلة "البصمة والمنوال" التي أطلقتها "دار كلمة" في تونس، صدر مؤخراً كتاب "عائلة ابن عاشور: رحلة في الفكر العالم التونسي" للباحثة لمياء العبيدي، بتقديم المؤرّخ لطفي عيسى. يقترح العمل أدوات منهجية لدراسة التاريخ الثقافي لأسرة ابن عاشور وانتقال أدوارها من "صورة الولي" إلى "جيل المثقف" على ثلاثة أجيال، وهو ما يضيء محطّات كبرى في تاريخ تونس ويفسّر تحوّلاته على مساحة زمنية تتجاوز القرن. كما تدرس المؤلّفة نظام التوريث داخل الأسرة في معانيه المعرفية والمادية وكيفية الاندماج في خيارات الدولة الوطنية.
عن "دار شهريار" و"ماركيز"، صدر حديثاً كتاب "عشيقات نيتشه" بتأليف ك. وريث فرانكو وترجمة أحمد آيت إحسان وعبد اللطيف حامل. يُضيء العمل على علاقة الفيلسوف الألماني بالجنس الآخر، مِن خلال غراميّاته وكتاباته التي يُعلن فيها بوضوح كراهيته للمرأة؛ وهو الذي كتب في "هكذا تكلّم زرادشت": "الإنسان الحقيقي يحبّ شيئين: الخطر واللعب، لذلك فهو يحبّ المرأة: أخطر الألعاب". يُعلِّق فرانكو بأنَّ هذا الموقف، على الرغم من أنَّه غير قابل للتبرير، قد يكون وراءه دافع ما، وأنَّ هذا الأخير ينبغي أن يكون متجذّراً في حياة نيتشه.