في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تطلّ على القضية الفلسطينية من زوايا الدراسات الاجتماعية وقضيّة المُعتقلين وتدوين اليوميّات في ظلّ الإبادة بغزّة، كما تشمل مؤلّفات في التاريخ والتراث والرواية والترجمات الأدبية.
■■■
عن "مدارات للأبحاث والنشر"، صدرت طبعة جديدة من كتاب "الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858 - 1948" للباحث الفلسطيني الراحل أكرم حجازي. يعود الكتاب إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر لفهم أنماط الملكية والإنتاج وطبيعة العلاقة الاقتصادية بين الدولة والمجتمع في فلسطين خلال العهد العثماني ثمّ فترة الاستعمار البريطاني عقب الحرب العالمية الأولى، ودور الكولونيالية البريطانية في تجهيز البنية التحتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأراضي الفلسطينية للصهيونية قبيل النكبة، وصولاً للاقتلاع والتهجير القسري عام 1948.
"أسير القدس: معتقلٌ سياسي في فلسطين المحتلّة" عنوان كتاب صادر عن منشورات "ليبرتاليا" الفرنسية. وفيه توثّق الكاتبة أرمال لابوري شهادة الحقوقي الفلسطيني الفرنسي صلاح حموري الذي أبعده الاحتلال إلى فرنسا في كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية. تكمن أهمية هذه الشهادة في الوصف الدقيق لمنظومات الاعتقال الإسرائيلية، ومراكز التحقيق التي يديرها جهاز "الشاباك" وأساليب تعذيب الأسرى الفلسطينيّين، ورصدها، في المقابل، إستراتيجيات المقاومة لدى الحركة الأسيرة على مستوى التنظيم والتكوين الفكري.
عن "منشورات مرفأ"، صدر "كتاب الوصايا: شهادات مُبدعات ومُبدعين من غزّة في مواجهة الموت"، بتقديم ألبيرتو مانغويل وجوديث بتلر، وتحرير ريم غنايم. في هذا العمل، يُقدّم كتّاب وكاتبات من غزّة شهاداتهم في لحظات فارقة بين الحياة والموت. من مقدّمة المنظّرة النسوية الأميركية جوديث بتلر نقرأ: "ما هي الوصية الأخيرة؟ إنّها آخر ما تبقّى من رغبةٍ وأمل. ما هي الشهادة؟ إنها تمنحنا شذرات من حياة لا تزال على قيد الحياة، بينما تسبر غور مستقبل حياة لم تعُد على قيد الحياة. تسأل الوصية عمّا تبقّى من الرغبة في مواجهة الوحشية والدمار الشامل".
كانت الأندلس والمغرب العربي، خلال العصور الوسطى، مسرحاً لتبادل المعرفة الروحية من خلال المتصوّفين ومريدي الحركة الصوفية من الضفّتين. وتظلّ صوفية الغرب الإسلامي، بما لها من خصوصيات، تقليداً حيّاً، ويحتّل إنتاجها المكتوب مكانة بارزة في تاريخ الفكر العربي الإسلامي. في كتاب "تاريخ الصوفية في الأندلس"، الصادر عن دار نشر "ألموزارا" الإسبانية، يحاول الباحثان الإسبانيان آمينا ماريا وغارسيا لوبيز رسم لوحة تاريخية لروّاد الصوفية الأندلسية المغاربية، ويعرضان وجهات نظر جديدة حول بعض المذاهب الصوفية وأبرز مؤسّسيها.
يرصد كتاب "الثقافة الإسلامية الهندية"، الصادر عن "مؤسّسة الفكر العربي"، بتأليف الباحث جعفر رضا وترجمة محمد ثناء الله الندوي، من منظور تاريخي نقدي، الثقافة الإسلامية في الهند في إطار مرجعيّاتها المختلفة والمتقاطعة، والتي تعزّزت بالإسهامات الإسلامية، بدءاً من العرب التجّار في ساحل الهند الجنوبي كيرالا، والفتح الإسلامي للسند عام 711م على يدَي محمّد بن القاسم الأموي، وصولاً إلى الحكومات الإسلامية، ثمّ ما بعد الاستقلال (1947)، وصولاً إلى اليوم. يبحث الكتاب في نتاجات هذه الثقافة والتأثير الإسلامي فيها.
صدر عن "منشورات جامعة كولومبيا" كتاب "شرٌ لا يمكن إصلاحه.. مقال في التاريخ الأخلاقي والتعويضي" للباحث الأميركي ديفيد سكوت. يُعيد الكتاب النظر في قصّة عبودية العالم الجديد في سلسلة مقالات تُركّز على جامايكا ومنطقة البحر الكاريبي، مبيّناً أنّ العبودية لا تنطوي فقط على وحشية لا يمكن تصوّرها، بل تشمل أيضاً التدمير الذي لا رجعة فيه لأنماط الحياة والعوالم الثقافية التي تمّ اقتلاع المستعبَدين منها، وكيف شكّل الاستغلال الذي مارسه الأوروبيون الرأسمالية الحديثة، من خلال إثرائهم من جهة وإفقار الأطراف المستعمَرة من جهة أُخرى.
للباحث المصري أحمد عبد الحليم، صدر عن "جسور للترجمة والنشر" كتابٌ بعنوان "الجسد في مصر من السياسة إلى الاستهلاك". يسعى العمل إلى إيجاد سردية تحكي من أسفل عن السلطوية وأجساد المواطنين المصريّين، في إطار السياسة والفكر والثقافة والمجتمع والسجن، وذلك خلال أكثر من عشر سنوات مضت على انقلاب تمّوز/ يوليو 2013. العمل، أيضاً، محاولة لتسجيل أصوات من تفاعلوا مع هذه السلطوية، وكيف تعاملت هذه الأخيرة مع أجساد محكوميها عبر أدوات النفي والاستبعاد والمراقبة والإخضاع، بهدف خلق سردية بديلة تخالف ما هو رسمي ومفروض.
"نزع الأقنعة عن محمّد عفيفي مطر: الرجل الذي خاف أن يخاف" عنوان كتاب صدر عن "بيت الحكمة" للكاتب والصحافي شريف قنديل. بالاستناد إلى معرفته الشخصية بالشاعر المصري الراحل وآراء عددٍ من الكتّاب والنقّاد الذين كتبوا عنه، يَعرض المؤلّف لتجربة محمّد عفيفي مطر وأبرز العوامل التي أثّرت في شخصيته وانعكست على قصائده، في محاولة لفهم البُعدين النفسي والفلسفي في نصوصه. ويؤكّد قنديل أنّ عفيفي مطر كان شاعراً تنويرياً، مرتبطاً بالأرض والقرية، ومنخرطاً في هموم الناس وقضاياهم، وتستند ثقافتُه بشكل كبير إلى التراث العربي والإسلامي.
عن دارَي "سرد" وممدوح عدوان" صدرت ترجمةٌ عربية لرواية الكاتبة الروسية إلينا ألكسييفا "القدّيس ذئب"، بتوقيع خيري حمدان. تنطلق أحداث العمل من قطار يُسافر براكب وحيد، يضطرّ للتوقّف ساعةً كاملة، فيُغادره الراكب ويمشي لتزجية الوقت، لكن الطريق يقوده إلى منجم فحم، ثمّ إلى عرس غجري، ثمّ إلى مكان حُبست فيه خمسة ذئاب لتنفيذ مخطَّط يستهدف القرية. تواصل الكاتبة سرد حكاية الرجُل الغريب لتتكشّف حقيقةُ ما إذا كان قدّيساً أتى ليُنقذ القرية وسكّانها، أم فيلسوفاً، أم مجرَّد رجل مختل عقلياً، أم كلّ هؤلاء معاً.