في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تُركّز على القضية الفلسطينية وشؤونها، والدراسات السياسية والتاريخية والكتابات الأدبية والترجمات.
■ ■ ■
"النكبة المُستمرّة" عنوان كتاب للروائي اللبناني الياس خوري يصدر قريباً عن "دار الآداب". يضمّ العملُ نصوصاً تنطلق من افتراضٍ مفادُه أنّ نكبة فلسطين لم تبدأ وتنته عام 1948، وإنّما هو مسار بدأ في تلك السنة ولا يزال مستمرّاً إلى اليوم؛ فمنذ 75 عاماً وفلسطين تعيش نكبتها المستمرّة التي تتّخذ أشكالًا متعدّدة، من التطهير العرقي إلى نظام الأبارتهايد. يَعتبر خوري أنّ الصهيونية ليست أقلّ من مشروع محو شامل للوجود والهوية الفلسطينيَّين، مُؤكّداً أنّه لا يُمكن دحر "المشروع النكبوي" سوى بالمقاومة المستمرَّة "التي لم ولن تتوقَّف".
عام 1899، كتب رئيس بلدية القدس، يوسف ضياء الخالدي، إلى ثيودور هرتزل بعد بدء الحديث عن فلسطين كأرض لليهود، مُذكّراً بأن للبلاد شعباً أصلياً لا يُمكنه أن يقبل تهجيره، وختم بـ"دعوا فلسطين وشأنها". من رسالة جده، يبدأ الباحث رشيد الخالدي سرد تاريخ النضال الفلسطيني في كتابه "فلسطين: مئة عام على الاستعمار والمقاومة"، الذي صدرت ترجمته الإسبانية بتوقيع فرانسيسكو راموس مينا، عن دار "كابيتان سوينغ" الإسبانية. يدمج الخالدي تاريخ العائلة بتاريخ الوطن، في كتاب يحمل تاريخاً مكثّفاً لأطول سيرورة نضال ما زالت متواصلة إلى اليوم.
عن "منشورات الجامعة الأميركية" في القاهرة، صدر كتاب "الموسيقى الفلسطينية في المنفى: أصوات المقاومة (اللاجئون والمهاجرون في الشرق الأوسط)" للباحث لويس بريوني. يطرح الكتاب تساؤلات عدّة منها: ما هو الدور الذي تلعبه الموسيقى في الفضاءات الاجتماعية بالمنفى الفلسطيني؟ وكيف تتأثر الأعمال الموسيقية الفلسطينية بهياكل السلطة الإقليمية والدولية؟ وكيف يتعامل الموسيقيون الفلسطينيون مع مسائل الأسلوب أو النوع أو التقاليد الوطنية؟ محاولاً الإجابة عليها عبر تتبُّع التجارب الموسيقية البارزة خلال الخمسين سنة الماضية.
صدر عن "منشورات ميتروبوليتان" كتاب "يوم في حياة عبد سلامة: تشريح مأساة القدس" للكاتب الأميركي ناثان ثرال. يتضمّن الكتاب ثماني مقالات نشرها المؤلّف تباعاً في "ذي نيويورك ريفيو أوف بوكس"، ويعود فيها إلى حادثة اصطدام حافلة عام 2012، ليتتبّع عبرها السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي حيث يتمّ التعامل مع الفلسطينيين بوصفهم مشكلة ويجب حلّها باستخدام أنظمة التنصّت والمراقبة، والحواجز الأمنية، وتشييد جدار الفصل العنصري، وغيرها من الممارسات التي يُضيئها الكتاب من خلال سرد يوم واحد يعيشه مواطن فلسطيني.
"حماس: ماهية الحركة الفلسطينية الراديكالية وماذا تريد؟" عنوان كتاب الباحثة الإيطالية باولا كاريدي (1961)، الذي تصدر طبعته الثانية، هذه الأيام، عن "منشورات فليترينللي". يتناول العمل تاريخ حركة المُقاومة الفلسطينية منذ تأسيسها في ثمانينيات القرن الماضي، وديمقراطية وصولها إلى السلطة عام 2006، ومن ثمّ عودتها إلى العمل السرّي إثر الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة بعد ذلك التاريخ بعام واحد. للباحثة مؤلّفات منها: "عربٌ لا نراهم: أولئك الذين لا نعرفهم، أولئك الذين ليسوا إرهابيين" (2007)، و"القدس دون إله: صورة لمدينة قاسية" (2013).
عن "الدار المصرية اللبنانية"، صدر كتاب "آفة حارتنا بين الذاكرة والنسيان" للروائي المصري إبراهيم عبد المجيد. يجمع الكتاب مقالات متنوّعة في الفن والأدب والسياسة، وكذلك معايشات المؤلّف مع عدد من الكتّاب العرب والمصريّين، كمحمد الماغوط وأحمد فؤاد نجم وغيرهما. يُشير الكاتب في مقدّمته إلى أن هذه المقالات تُذّكر بالأسئلة الكبرى للحياة وليست مجرّد تعليقات عابرة، ومحاولة لإلقاء الضوء على "ما تمّ نسيانه أو إهماله من صفحات التاريخ الروحي والمادّي للوطن... بما فيه من بقايا نهضة في العمارة والطُّرق والحدائق وما تشاء".
صدرت النسخة العربية من كتاب الفيلسوف البريطاني برتراند رسل "البلشفية: النظرية والتطبيق"، عن دار "ممدوح عدوان للنشر والتوزيع"، بتوقيع المُترجم جبران خزعل، وتقديم عدي الزعبي. في القسم الأول من الكتاب، يُسجّل عالم المنطق والرياضيات (1872 - 1970) انطباعاته عن زيارته إلى الاتحاد السوفييتي عام 1920، في حين يُخصص القسم الثاني لعرض انتقاداته الرئيسة للماركسية والبلشفية؛ كنقد فلسفة التاريخ، ورؤية البلاشفة للديمقراطية، ورفض تكرار التجربة البلشفية في الغرب. دون أن تعني هذه الانتقادات التخلّي عن الفكرة الاشتراكية كنهج سياسي.
عن "دار الساقي"، صدر كتاب "لبنان البدايات في سيرة مثقَّف حداثي" للمعماري اللبناني جاد تابت. يعود الكاتب إلى التحوُّلات التي شهدتها بيروت بعد الحرب العالمية الأُولى؛ حيث باتت "تُؤدّي دوراً متزايداً على النطاق السياسي والاقتصادي". من بين تلك التحوُّلات: الاختفاء التدريجي لملامح المدينة العثمانية، وتقلُّص أنماط الحياة التقليدية، وبروز أنماط سلوكية وممارسات استهلاكية جديدة وتطوُّر النشاطات السياحية والترفيهية. لم يكن الاستعمار الفرنسي، بحسب تابت، بعيداً عن تلك التحوُّلات؛ إذ عمل على تشجيع انتشار أساليب الحياة الغربية.
إنه عام 1789، حيث يموت الأطفال في أحياء باريس من الجوع. الأمهات الغاضبات يُنظّمن مسيرة احتجاجية في فرساي، ستكون الشرارة التي تتسبّب بحريق اجتماعي يقلب حياة فرنسا وأوروبا كلّها رأساً على عقب. ستكون شرارة الثورة الأولى الأكثر دموية؛ تمرّد الطبقات الفقيرة ضدّ الغنية، إذ سينتهي الأمر بالنبلاء والملوك على المقصلة، في زوبعة تاريخية لن يسلم منها حتى الثوار أنفسهم. هذه الأحداث وغيرها، يسردها المؤرّخ الإسباني خوان إسلافا غالان في كتابه "الثورة الفرنسية للمُشكّكين" الصادر عن دار "بلانيتا" الإسبانية.
للقاص والناقد السوري عبد الكريم المقداد، يصدر هذه الأيام عن "دار خطوط وظلال" كتابٌ بعنوان "فتنة التخييل: مقاربات في الرواية الكويتية". عبر مقاربات تطبيقية لمجموعة من الأعمال الروائية، يُحاول العملُ رصد وتحليل العناصر التي أسهمت في بناء الرواية الكويتية، والوقوف على الطرق التي اعتُمدت في ذلك، واستخلاص السمات الفكرية والفّنية للتجربة الروائية عند كلّ كاتب، كما يبحث في مكوّنات كلّ رواية من الروايات المدروسة، على صعيد اللغة والأحداث والزمن، ويفحص مدى انسجامه مع المجموع المكوِّن لعوالم الرواية.