إدواردو لورينسو.. رحيل عن "متاهة الحنين"

02 ديسمبر 2020
(إدواردو لورينسو، 1923 - 2020)
+ الخط -

رحل الفيلسوف والناقد البرتغالي إدواردو لورينسو (1923 – 2020) صباح أمس الثلاثاء في لشبونة، الذي يعدّ أبرز الفاعلين في ثقافة بلاده، حيث كتب العديد من الأعمال حول المجتمع والهوية البرتغالية، وأسهم في تأسيس العديد من المؤسسات الثقافية والبحثية.

وُلد الراحل في قرية ساو بيدرو دي ريو سيكو التي تقع على الحدود الإسبانية، لأب عمل جندياً في الجيش البرتغالي، وقد التحق بمدرسة قريته، ومنها انتقل إلى العاصمة حيث أكمل دراسته عام 1940 في التاريخ والفلسفة، حيث عمل مدرّساً جامعياً لاحقاً، حتى أصدر كتابه الأول بعنوان "المغايرة" عام 1949، ويتناول خلاله معنى الديالكتيك في المثالية المطلقة، وهاجر إلى فرنسا في السنة نفسها.

درّس لورينسو اللغة والثقافة البرتغالية في عدد من الجامعات الألمانية والفرنسية والبرازيلية، ورفض بشدّة انعزالية بلاده التي سادت خلال الحكم الدكتاتوري، وقد تأثر في بداياته بأفكار هوسرل وكيركجارد ونيتشه وهايدغر وسارتر، وبكتابات دوستويفسكي وفرانز كافكا وألبير كامو، وارتبط إلى حد ما بالوجودية خلال خمسينيات القرن الماضي، ورغم تأييده للأفكار اليسارية، إلا أنه لم يتخلّ عن موقفه النقدي الدائم تجاه اليسار.

يعدّ من أبرز مفكري البرتغال منذ منتصف القرن العشرين

عند الثانية عشرة من ظهر اليوم الأربعاء، سيقام قدّاس صاحب كتاب "معنى وشكل الشعر الواقعي الجديد" في دير جيرونيموس بلشبونة، حيث أعلن رئيس الوزراء الحداد الوطني هذا اليوم، وأشار في معرض نعيه لورينسو إلى أن لحظة حزن كبير على صديق ورفيق تعلّم منه الكثير، ويعتبره أبرز مفكر برتغالي منذ منتصف القرن العشرين.

في عام 2018، عرض الفيلم الوثائقي "متاهة" للمخرج البرتغالي ميغيل غونسالفيس مينديز الذي تناول فيه حياة لورينسو وطروحاته الفكرية، بالاستناد إلى كتابه الذي يحمل العنوان ذاته، ويقوم أساساً على تفكيك الروح البرتغالية من منظور تاريخي وفلسفي يجمع بين الشخصي والجماعي، في تناول أهم الأحداث والشخصيات التي مرّت في تاريخ البلاد.

في الفيلم، يظهر شغفه الكبير بالأدب والثقافة التي يلخّصها بمقولة "عدم وجود كتب يعني موتك"، وتحدث عن تجواله بين مدن العالم وكيف كان ينظر إلى البرتغال الذي كان ولا يزال يشكّل لديه الحلم؛ حلم بانبعاثه من جديد في مختلف مناحي الحياة.

ترك لورينسو العديد من المؤلّفات، منها: "الفاشية لم تكن موجودة أبداً"، و"روعة الفوضى"، و"وقت الموسيقى، موسيقى الوقت"، و"خيبة أمل أوروبا – من أجل الأساطير الأوروبية"، و"وفاة كولومبو: التحول ونهاية أسطورة الغرب"، و"نحن المستقبل"، كذلك أسّس "مركز الدراسات الأيبيرية"، الذي يضم مؤسسات أكاديمية برتغالية وإسبانية، في مدينة غواردا البرتغالية، والذي يقدم جائزة أدبية باسمه منذ 2004.

في عيد ميلاده الخامس والتسعين، حيث أقيمت له عدّة تكريمات واحتفالات رسمية وأهلية، قال إنه "ذاهب إلى الموت كما لو أن كل من عرفنا وأحببنا كانوا معنا".

المساهمون