إذا كانت أغلب المهرجانات الموسيقية العربية الكبرى لا تزال أسيرةَ منطق الشهرة والجماهيرية، حيث البرامج المقترحة تدور أساساً حول "نجوم" موسيقى البوب العربية -أي تلك التي تأخذنا من عمرو دياب وجورج وسوف إلى تامر حسني وإليسا وهيفاء وهبة وصابر الرباعي وسعد المجرّد وغيرهم- فإن مهرجان "أيّام قرطاج الموسيقية" قد اختار، منذ سنوات، الالتفات إلى أماكن وفضاءات جديدة في الغناء والموسيقى العربيين. ذلك أن الفعالية، التي أُطلقت عام 2010 لتحلّ مكانَ "مهرجان الموسيقى التونسية"، باتت من أبرز المواعيد الموسيقية السنوية التي تنفتح على التجارب الجديدة، الفردية والجماعية، التي لا تدين بشيء إلى عالَم الإنتاجات الكُبرى والفيديو كليب، بل تبني موسيقاها ومساراتها البديلة بمقوّمات فنّية شخصية في كثير من الأحيان، ومقوّمات اقتصادية متواضعة، مستفيدةً من سهولة التواصل التي توفّرها منصّات الإنترنت الجديدة. ولعلّ هذا ما أخرج هذا النوع من الموسيقى الجديدة من نخبويته، أو من اقتصار الاهتمام به على حفنة من الهواة، ليصبح تيّاراً جديداً في المشهد الموسيقي العربي المُعاصر.
بدءاً من بعد غدٍ السبت، وحتى الثامن والعشرين من هذا الشهر، يعود "أيام قرطاج الموسيقية" بدورة جديدة، هي الثامنة، يشارك فيها نحو أربعين فنّانة وفنّاناً وفرقةً من تونس والجزائر والأردن وسورية وفلسطين ولبنان والبحرين والمغرب وبنين والكونغو ومالي وبلجيكا وفرنسا والولايات المتّحدة وإيطاليا. وتغطّي التجارب المشاركة مساحات واسعة من الاشتغال الموسيقي المُعاصر، من الروك والجاز والبلوز إلى التكنو والدوم والستونر والميتال والراب وغيرها.
حفلات لأربعين فنّاناً وفنّانة وفرقة وندوات حول الموسيقى
وإذا كان الجمهور على موعدٍ مع فنّانين وتجارب باتت معروفة في هذا الفضاء الموسيقي، مثل فرقة "جدل" الأردنية (عند التاسعة من مساء غد الجمعة في "مسرح الأوبرا")، وفرقة "مسار إجباري" المصرية (يوم الأربعاء، الخامس والعشرين من هذا الشهر، في الموعد والمكان نفسيهما)، أو المغنّيين التونسي جوهر (السابعة من مساء الخميس المقبل في "مسرح الجهات") والفلسطيني ــ الأردني الفرعي (التاسعة من مساء الخميس المقبل في "مسرح الأوبرا")، فإنّه سيكتشف أصواتاً وألحاناً جديدة.
يمكن، هنا، ذكر فرقة "تراكُم" التونسية (الخامسة من مساء الخميس المقبل في "مسرح المبدعين")، التي تمزج بين ألوان تونسية وبدوية وأُخرى عربية، إلى جانب الثنائي، التونسي أيضاً، نسرين ووائل جابر (التاسعة من مساء اليوم ذاته في "مسرح الأوبرا")، أو فرقة "ديزرت بلوز من المغرب" (الثامنة من مساء الثلاثاء المقبل في "سينما ومسرح الريو")، التي يكفي اسمُها تعريفاً لها.
إلى جانب هذا البرنامج الموسيقي، تشمل النسخة تنظيم العديد من الورشات والندوات، من بينها جلسةٌ حول "قابلية الموسيقى للتصدير" تُقام عند الثانية من ظهر الخميس المقبل في "مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي"، وأُخرى حول "المالوف الغرناطي" تُقام بدءاً من العاشرة من صباح بعد غد الاثنين في "مركز الموسيقى العربيّة والمتوسّطيّة" في قصر النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد.