"أهداف متحرّكة" لـ ثامر الماجري: محاولات لرسم العنف

22 ديسمبر 2020
"سئمت أن تكون نفسك7" (من المعرض)
+ الخط -

يقارب الفنان التونسي ثامر الماجري (1982) في أعماله قضايا اجتماعية وسياسية راهنة، حيث يستكشف موضوعات مثل التعصُّب والعنف والحرب. وهو في معرضه الحالي المقام في "غاليري سلمى فرياني" بتونس العاصمة، يضع لأعماله المعروضة عنواناً "أهداف متحرّكة"، وهو بذلك يستحضر مصطلحاً عسكرياً فيه ما يوحي بالتصويب، والمفارقة أننا كمتلقّين قد نكون أهدافاً متحرّكة للوحاته الصاخبة والضاجّة في القاعة، وقد تكون هذه الأعمال نفسها أهدافاً متحرّكة لنا، من حيث إنها لا تخلو من الشغب وفرط الحركة باللون والأشكال والخطوط والتفاصيل.

في أعمال المعرض المتواصل حتى الثالث والعشرين من كانون الثاني/يناير المقبل، نرى الكثير من الأجهزة والآلات: أجهزة تلفزيون، وأسلحة، وأجهزة تحكُّم عن بعد، وميكروفونات، وهليوكبترات، وطائرات، كما يهيمن الجسد الإنساني على كل اللوحات، لكنه ليس جسداً كاملاً بل أشلاء، من دون نقطة من اللون الأحمر، بل على مساحة بيضاء وبخطوط خفيفة نرى دبابة ورأس إنسان وقد غُرس فيها خنجر، ونقف أمام ساق ملقاة بعيداً عن الحذاء الذي كانت تنتعله، وكمّامات ضد الغازات السامة، وبعض عظام لبشر قضوا وضاعت ملامحهم.

في تقديم المعرض، كتب ماتيو ليليفر، القيّم والمؤرّخ الفنّي الفرنسي: "نجد في هذه السلسلة الجديدة ثوابت معيّنة مألوفة في عمل الماجري، وعلى وجه الخصوص اهتمامه بجسم الإنسان، الذي يحمّله تفسيرات سياسية قوية، والذي طوّره من معرض إلى آخر حتى الآن بشكل كبير، خاصّةً في لوحاته كبيرة الحجم. ومع ذلك، يمكن ملاحظة تغيير في التعبير عن هذا الجسد. لم يعد الأمر يتعلّق بالأسئلة الوجودية والميتافيزيقية التي تشغله. يبدو هنا أن الماجري ينقّح تفكيره من خلال العمل على تفكيك علاقات القوّة والهيمنة التي تشكّل المجتمعات المعاصرة".

يُفكّك علاقات الهيمنة والاستعباد الجندري والاجتماعي والسياسي

يقول الماجري في حديثه عن عمله إنه تأثّر بالفنانين بابلو بيكاسو وفرانسيس بيكون وأيضاً بفلسفة الصورة لدى المخرج السينمائي ديفيد لينش، مضيفاً في تقديم المعرض: "أستخدم الرموز للتشكيك في القوّة والسلطة وفهم سلوك الناس وردود أفعالهم ومخاوفهم عند مواجهة البيئة غير العادية والمربكة الناشئة من مشاهد اللوحات". بذلك يظهر الفنان حجم انشغاله بمفاهيم السلطة والانتماء والعلاقات الاجتماعيّة والإنسانية، جاعلاً من الجسد صاحب الدور الرئيسي في تحديد علاقة هذه المفاهيم بالواقع.

من زاوية نظر أخرى، نجد في اللوحات ميلاً إلى اللعب وتغييب المنطق أو اقتراح منطق عبثي شبيه بما نراه في رسومات الأطفال؛ ففي رسمة بعنوان "هكذا يبدو الأمر لي"، ثمّة مشهد عنيف من حرب ضمن العمل، وعلى طرف هذا المشهد هناك غابة وأشجار مورقة وعشب وثعلب يتفرّج على البشر في الحرب من بعيد.

أما على مستوى الخامات، فالماجري ميّال إلى استعمال الباستيل والفحم وقلم الرصاص، إضافة إلى الفولوماستر على ورق الكانسون أو ورق الأرش، وأحياناً الكانفاس وكذلك الكولاج. أخيراً من الصعب ألا يقف زائر المعرض عند عناية الفنان التشكيلي التونسي بالعناوين، فهي لا تخلو من المفارقات والمفاتيح، وغالباً ما تضمُّ سلسلةَ رسومات من ذلك؛ "تهديد"، و"سئمت من أن تكون أنت"، و"البنية الفوقية".

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون