استحوذت حياة أنطون تشيخوف على اهتمام العديد من الباحثين والقراء على حدّ سواء، ربما تضاهي إلى حد كبير المكانة التي احلتها نصوصه القصصية والمسرحية، ومنها تقدير لمهنة الطب التي مارسها طول حياته ولم يتخل عنها رغم قراره المبكر باحتراف الكتابة الأدبية، أو علاقته التي جمعته بمعاصريه من الكتّاب والفنانين الروس وفي مقدّمتهم تولستوي وتشايكوفيسكي.
وكان الكاتب الروسي (1860 – 1904)، قد دوّن سيرته التي تقول الكثير رغم أنه رحل في الرابعة والأربعين من عمره، وأثارت الجدل حول مراجعاته القاسية والجذرية للثقافة في بلاده واتهامه للكثير من المشتغلين بها في زمنه بالكسل وعدم الإبداع وتكريس جلّ وقتهم لانتقاد كتّاب حقيقيين.
صدرت حديثاً النسخة العربية من "دفتر المذكرات واليوميات" لـ أنطون تشيخوف عن "دار الرافدين"، والتي ترجمها عن الروسية محمد خميس، ضمن سلسلة السيرة الذاتيّة التي أطلقتها الدار منذ العام الماصي وتحتوي النصوص التي كتبها تشيخوف عن الأحداث التي جرت معهُ طيلة حياتهِ واحتفظتْ بها عائلتهُ بعد رحيلهِ، ونشرت لاحقاً كما ترجمت إلى لغات عدّة.
يشير الناشر في تقديمه إلى أن الكتاب يتضمن دفتر مذكرات تشيخوف وصفحات مُتفرقة من يومياته"، موضحاً أن "هذه المُذكرات واليوميات التي تدخل ضمن الجانب الداخلي للنشاط الإبداعي للكاتب، تحظى بأهمية كبيرة للغاية، فقد قام تشيخوف نفسه بتدمير مسودات مخطوطاته، ولم تكن له رغبة في الحديث عن عمله هذا. ولم يكن يُحب أن يُطلِعَ أي أحد على أعماله الفنية قبل أن ينتهي منها بالكامل".
ويضيف أن "هذه المُلاحظات واليوميات والخواطر في دفتر مذكراته وفي الصفحات المتفرقة تُتيح للقارئ العربي أن يتتبع تاريخ كتابة قصص تشيخوف ورواياته ومسرحياته، وإنْ كانت غير مُكتملة، في التسعينيات أوائل القرن التاسع عشر، وهذه فترة ذروة بلوغه أعلى درجات النضج الفني".
ويرى الناشر أيضاً أنها "تُساعد على فهم خصوصيات تفكيره المجازي، وعملية تأمله وتكوين مناهجه، وأساليبه المُميزة في العمل على الكلمة، ومواضيع أعماله الفنية، وبُنيتها، وتوفر مفتاحاً لاستكشاف السياق النفسي الذي تنشأ فيه جوهر قصصه، ورواياته، ومسرحياته".
يُذكر أن محمد خميس ترجمَ العديد من الوثائق التقنيّة والفنيّة المتخصّصة في الطب والاقتصاد والأدب ومقالات في تخصصات معرفية متعدّدة، إلى جانب إصداراته الشعرية.