في عام 2014، أصدرت المصوّرة الصحافية الإنكليزية السويدية أناستاسيا تايلور ليند كتابها "ميدان: صور من الساحة السوداء"، الذي يوثق الانتفاضة الأوكرانية التي اندلعت في تلك السنة وقادت إلى اشتباكات بين المتظاهرين في ميدان نيزاليزنوستي (ساحة الاستقلال) بكييف وبين الشرطة الموالية للحكومة، أسفرت عن مقتل أكثر من 110 محتجين.
يعكس الكتاب واقع تلك الأحداث التي لا تزال تداعياتها حاضرة إلى اليوم. رؤية تبحث عن ما وراء الصورة، كما في ما يتعلّق بتوزيع الأدوار بين الرجال والنساء عندما أصبحت الاحتجاجات أكثر تنظيماً بعد أسوأ أعمال عنف وقعت مع رجال الأمن في البلاد.
حتى الثامن من أيار/ مايو المقبل، يتواصل في "متحف الحرب الإمبراطوري" بلندن معرض "أوكرانيا: صور من خط المواجهة" الذي افتُتح في الثالث من الشهر الماضي، ويضمّ صوراً التقطتها ليند بين عاميْ 2014 و2022، في محاولة لتوثيق تطوّر الأحداث التي قادت إلى العدوان الروسي على أوكرانيا قبل نحو عام.
تُظهر إحدى الصور المعروضة مواطنة أوكرانية، تُدعى آنا ديدوفا، عند قبر ابنها في إقليم دونباس، والذي قُتل بطريق الخطأ بقنبلة يدوية عثر عليها بالقرب من منزله سنة 2019، حيث توضّح الصورة حالة من بين حوالي ثلاثة آلاف وأربعمئة مدني قُتلوا في الإقليم خلال الأعوام السبعة التي سبقت الحرب.
في هذه السنوات، واصلت ليند العمل في أوكرانيا في وقت تحول انتباه الكثير من وسائل الإعلام العالمية إلى مكان آخر، حث وثّقت أحوال المواطنين العاديين الذين اقتلعت حياتهم من خطر الجبهات، وواقع التهجير في شرق البلاد، وآلام انفصال المهجّرين عن أحبّائهم.
من بين الصور، تعرض ليند لمشهد أعمال التنقيب في مقبرة جماعية في بوتشا، بالقرب من كييف ، في نيسان/ أبريل 2022، حيث امتلأت الجثث في هذا الحيّ خلال الاحتلال الروسي للمدينة، وتمّ دفنها في مقبرة جماعية، وعندما عادت المنطقة إلى السيطرة الأوكرانية، استُخرجت الجثث من قبل المحققين الشرعيين، حيث تظهر في الصورة مواطنة تُدعى ناتاليا لوكيانينكو تتنظر إخراج جثث بعض أفراد عائلتها، بمن فيهم ابنها من أجل إعادة دفنهم.
في صور أخرى، تتراءى مشاهد الخراب والدمار في مناطق عديدة، ومنها مبان سكنية في بلدة تروستيانتس بمنطقة سومي، والتي احتلها الجيش الروسي لمدة شهر وثم استعادها الجيش الأوكراني في نيسان/ أبريل 2022.